نقد كتاب الكلام على حديث امرأتي لا ترد يد لامس
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب الكلام على حديث امرأتي لا ترد يد لامس
نقد كتاب الكلام على حديث امرأتي لا ترد يد لامس
مؤلف الكتاب ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 هـ وأما سبب تأليف الكتاب وموضوعه فى نفس الوقت فهو كما قال المؤلف:
"سئلت عن حديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، إن امرأتي لا ترد يد لامس الحديث ما حال هذا الحديث، ومن خرجه، وما سياق بقية متنه، وما معناه،ومن تكلم عليه، وهل عرف اسم الرجل والمرأة، وهل فيه أنه لما أمره بمفارقتها، قال لا أستطيع؟ وما معنى عدم الاستطاعة، وأن يكون الجواب مبسوطا "
وكانت إجابة ابن حجر هى:
"فأجبت، وبالله التوفيق أما حال هذا الحديث فهو حسن صحيح، ولم يصب من قال أنه موضوع، على ما سأبينه
وأما من خرجه فأخرجه أبو داود، والنسائي في كتابيهما (السنن) ، والبزار في (مسنده) ، من حديث ابن عباس وأخرجه النسائي من وجه آخر عنه وأخرجه الخلال، في (العلل) ، والطبراني في (معجمه) ، والبيهقي في (السنن) ، من حديث جابر
وأما سياق بقية متنه ففي رواية أبي داود (2049) (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي لا تمنع يد لامس قال غربها قال أخاف أن تتبعها نفسي، قال فاستمتع بها )
وفي رواية النسائي (5629) مثله وفي رواية أخرى للنسائي 6/160 - (5320) (إن تحتي امرأة جميلة لا ترد يد لامس، قال طلقها، قال إني لا أصبر عنها، قال فأمسكها )
وفي أوله 6/67 - (5321) (إن عندي امرأة، هي من أحب الناس إلي، وهي لا تمنع يد لامس، قال طلقها، قال لا أصبر عنها، قال استمتع بها )
وفي رواية البيهقي 7/155 (13874) (أن رجلا جاءه فقال إن لي امرأة لا تمنع يد لامس قال فارقها قال إني لا أصبر عنها قال فاستمتع بها )
وأما معناه، ومن تكلم عليه فقد وقع ذلك في كلام أبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي عبد الله ابن الأعرابي، والأصمعي، والإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الخطابي، والقاضي أبي الطيب الطبري، وآخرون ممن بعدهم
وحاصل ما حملوه عليه شيئان:
أحدهما :
أن معنى قوله (لا تمنع يد لامس) ، كناية عن الفجور وهذا قول أبي عبيد، وابن الأعرابي، وبه جزم الخطابي، في (معالم السنن) ، وشرح الحديث، فقال معناه الريبة، وأنها مطاوعة لمن أراده، لا تريده
وقوله (غربها) ، بالغين المعجمة، فعل أمر من التغريب، معناه الطلاق، وأصل الغرب في كلام العرب البعد
قلت وقع في رواية البزار، في (مسنده) بلفظ (طلقها) ، وهو شاهد لتفسير الخطابي، وكذا الرواية في حديث جابر (فارقها) ، هذا معناه
وقال الخطابي وفي الحديث دليل على نكاح الفاجرة وإن كان الاختيار غير ذلك
قلت واحتج به الرافعي في (الشرح الكبير) لذلك، وكذلك القاضي أبو الطيب كما سيأتي سياق كلامه
قال الخطابي ومعنى قوله (استمتع بها) أي لا تمسكها إلا بقدر مضي سعة النفس منها، ومن وطره والإستمتاع بالشيىء الإنتفاع به إلى مدة، ومنه نكاح المتعة، ومنه قوله تعالى {إنما هذه الحياة الدنيا متاع} أي متعة إلى ثم تنقطع، انتهى كلامه
وقد ترجم أبو داود اهذا الحديث (نكاح الأبكار) ، وكأنه يشير إلى نكاح البكر، أولى من نكاح الثيب والزنا يقع من الثيب أغلب مما يقع من البكر، وترجم له النسائي (نكاح الزانية)
والحمل الثاني :أن أنها متبذرة:
قال أبو بكر الخلال قيل للإمام أحمد بن حنبل إن أبا عبيد يقول هو من الفجور، فقال ليس هو عندنا إلا أنها تعطي من ماله وذكر عبد الحق في (الأحكام) أن أبا الحسن بن صخر، روى في (فوائده) ، عن الأصمعي، أنه كناية عن بذلها الطعام
وقال النسائي عقب تخريجه قبل كانت تحته تعطي وقال القاضي أبو الطيب الطبري القول الأول أولى، لأنه لو كان المراد به السخاء لقيل لا ترد يد ملتمس، لأنه لا يعبر عن الطلب باللمس، وإنما يعبر عنه بالإلتماس يقال لمس الرجل إذا مسه، والتمس منه إذا طلب منه
ثانيهما أن السخاء مندوب إليه، فلا تكون المرأة معاقبة لأجله بالفراق، فإن الذي تعطيه إما أن تكون من مالها، أو من مال الزوج، فإن كان من مالها فلها التصرف فيه كيف اختارت، وإن كان من مال الزوج، فعليه صونه وحفظه وعدم تمكينها منه، فلم يتعين الأمر بتطليقها
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي في (مختصر السنن الكبرى) كأن معناه أنها تتلذذ بمن يلمسها، فلا ترد يده
وأما الفاحشة العظمى فلو أرادها الرجل لكان بذلك قاذفا وقال الشيخ عماد الدين ابن كثير حمل اللمس على الزنا بعيد جدا
والأقرب حمله على أن الزوج فهم منها أنها لا ترد من أراد منها السوء، لا أنه تحقق وقوع ذلك منها بل ظهر ذلك بقرائن فأرشده الشارع إلى مفارقتها احتياطا، فلما أعلمه أنه لا يقدر على فراقها لمحبته لها وأنه لا يصبر على ذلك فرخص له في ابقائها لأن محبته لها محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم، والله أعلم "
فى هذه الفقرات من الكتاب ذكر الرجل أقوال العلماء فى معنى لا ترد يد لا مس فأشار إلى انقسام القوم إلى رأيين :
الأول: الفجور وهو ارتكاب الزنى
الثانى :التبذير المالى
وأشار الرجل إلى ردود أصحاب الرأيين على بعضهم وقد رجح الرجل الرأى الأول وإن لم يقل هذا صراحة وإنماقال أن الروايات فسرت بهضها من خلال قوله "قلت وقع في رواية البزار، في (مسنده) بلفظ (طلقها) ، وهو شاهد لتفسير الخطابي، وكذا الرواية في حديث جابر (فارقها) ، هذا معناه "
وسواء كانت الرواية بهذا المعنى أو ذلك فهى الجواب على السائل لا يمكن أن يقوله النبى(ص) فحسب المعنى الأول وهو الصحيح وهو تركها من يريد الزنى بها يزنى بها يكون النبى(ص) وهو لم يفعل قد خالف قوله تعالى " والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك" عندما طلب من الرجل العفيف أن يبقى الزانية فى عصمته وهو ما حرمه الله بقوله "وحرم ذلك على المؤمنين"
كما خالف أن الله لا يأمر بالفحشاء أى لا يشيع الفاحشة وهو أمر الرجل بالفحشاء عندما أمره أن يبقى الزانية التى تشيع الفاحشة بين المسلمين بتشجيع الرجال على الزنى معها فى عصمته وفى هذا قال تعالى :
"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة"
كما يخالف أن النبى(ص) بدلا من أن يأمره بأن يشهد عليها الشهود الأربع حتى يطلقها بلا حقوق جعله يبقيها فى عصمته
وأما المعنى الثانى وهو التبذير فمعناه أن المرأة كافرة من أخوات الشيطان كما قال تعالى "ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا"
ومن ثم فالمرأة المبذرة كافرة والكافرة لا تبقى فى عصمة المسلم كما قال تعالى :
"ولا تمسكوا بعصم الكوافر"
وأجاب ابن حجر عن اسم الرجل والمراة بأنه غير موجود فى أى حديث فقال :
"وأما اسم الرجل السائل، والمرأة المذكورة فلم يقع في شيء من طرق هذا الحديث "
وأما بقية الأسئلة فقال أن جوابها يعرف مما قاله فى الفقرات السابقة وهو:
"وأما بقية الأسئلة فيعرف جوابها مما تقدم، والله أعلم "
وبعد هذا الكلام فى معنى المتن عقد فصلا للتكلم فى أسانيد روايات الحديث فقال :
"فصل في بيان طرق هذا الحديث وكلام أهل العلم فيه:
قال أبو داود كتب إلى حسين بن حريث المروزي، حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد، عن عمارة بن أبي حفصة، عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي فذكره
وقال النسائي أخبرنا الحسين بن حريث فذكره
الكلام على رجاء له أما الحسين بن حريث فاتفق الشيخان، البخاري ومسلم، على تخريج حديثه في صحيحيهما،ووثقه النسائي وابن حبان
وأما شيخه الفضل بن موسى فمتفق عليه أيضا، ووثقه يحيى بن معين، والبخاري، وابن سعد، وقال وكيع ثقة، صاحب سنة، وقال أبو حاتم صدوق صالح، وأثنى عليه ابن المبارك
وأما شيخه الحسين بن واقد، فأخرج له مسلم محتجا به، والبخاري استشهادا، ووثقه ابن معين، وقال أبو زرعة والنسائي لا بأس به، وأثنى عليه أحمد، وقال ابن سعد كان حسن الحديث، وقال أحمد حديث عن أبي المنيب منه أبر، وقال ابن حبان كان على قضاء مرو، وربما أخطأ
وأما شيخه عمارة بن أبي حفصة، واسم أبي حفصة نابت بالنون ثم الموحدة ثم المثناة، فأخرج البخاري، ووثقه ابن معين، وأبو زرعة، والنسائي وغيرهم
وأما عكرمة فاحتج به البخاري قال الحافظ زكي الدين المندري في (مختصر السنن) رجال اسناده محتج بهم في الصحيحين على الاتفاق والانفراد
قلت يريد بالنسبة إلى مجموع الصحيحين لا إلى كل فرد فرد منهما، فإن البخاري ما احتج بالحسين بن واقد، ولذلك لم يحتج مسلم بعمارة ولا بعكرمة
فلو سلم أن الحديث على شرط الصحيح لم يسلم أن الحديث على شرط البخاري ولا على شرط مسلم، وإنما لم أجر على اطلاق القول بصحيحه لأن الحسين بن واقد قد تقدم أنه ربما أخطأ
والفضل بن موسى قال أحمد إن في روايته مناكير، وكذلك نقل عبد الله بن علي بن المديني
وإذا قيل مثل هذا في الراوي يوقف الناقد في تصحيح حديثه الذي ينفرد به وقد قال البزار بعد تخريجه لا نعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا بهذا الإسناد
وقال الدارقطني في (الأفراد) تفرد به الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة، وتفرد به الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد
وقد حكى ذلك أيضا المنذري عن الدارقطني ووقفت عليه في كتاب (أفراد الأفراد) لأبي الفضل بن طاهر والنسخة بخط المنذري
وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في (الأحاديث المختارة) من طريق النسائي عن الحسين بن حريث، أسنده ودعوى البزار فيها نظر، لأن النسائي أخرجه من وجه عن ابن عباس،
قال المنذري أخرجه النسائي من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن ابن عباس، وقال هذا الحديث ليس بثابت والمرسل فيه أولى بالصواب
قلت أخرجه النسائي عن إسحاق بن راهويه عن النضر بن شميل عن حماد بن سلمة عن هارون بن رباب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس موصولا، وإسحاق، والنضر متفق على الإحتجاج بهما،وحماد بن سلمة احتج به مسلم، واستشهد به البخاري وهارون بن رباب، بكسر الراء وبهمزة حقيقية بآخره باء موحدة، احتج به مسلم، وعبد الله بن عبيد بن عمير لذلك فهذا الإسناد قوي لهؤلاء الرجال لكن أخرجه النسائي بعده من رواية يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هارون بن رباب، وعبد الكريم أما هارون فقال عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا
وأما عبد الكريم فقال عن عبد الله بن عبيد عن ابن عباس موصولا
قال النسائي رواية يزيد أولى بالصواب يعني أن في الرواية التي أخرجها أولا اجمالا، وأن الموصول عن حماد بن سلمة عن عبد الكريم وهو ابن أبي المخارق وابنه البصري أحد الضعفاء، وأن رواية هارون الثقة مرسلة
قلت لكن إذا انضمت هذه الطريقة إلى الطريق الأخرى المباينة لها في أعيان رجالها إلى ابن عباس علم أن للحديث أصلا وزال ما كان يخشى من تفرد الفضل بن موسى وشيخه
وللحديث مع ذلك شاهد عن جابر بن عبد الله أخرجه الخلال والطبراني من طريق عبد الكريم بن مالك الجزري
وأخرجه البيهقي من طريق معقل بن عبيد الله الجزري كلاهما عن أبي الزبير محمد بن مسلم عن جابر بن عبد الله، ورجال الطريقين موثقون إلا أن أبا الزبير رضي بالتدليس، ولم أره من حديثه إلا بالعنعنة
وقد قال الحافظ شمس الدين الذهبي في (مختصر السنن) اسناده صالح
وسئل عنه أحمد فيما حكاه الخلال فقال ليس له أصل ولا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
قلت بل انضمت هذه الطريق إلى ما تقدم من طريقي حديث ابن عباس لم يتوقف المحدث عن الحكم بصحة الحديث ولا يلتفت إلى ما وقع من أبي الفرج ابن الجوزي حيث ذكر هذا الحديث في الموضوعات، ولم يذكر من طرقه إلا الطريق التي أخرجها الخلال من طريق أبي الزبير عن جابر، واعتمد في بطلانه على ما نقله الخلال عن أحمد فأبان ذلك عن قلة اطلاع ابن الجوزي وغلبة التقليد عليه حتى حكم بوضع الحديث لمجرد ما جاء عن أمامة
ولو عرضت هذه الطريق على أمامة لاعترف أن للحديث أصلا، ولكنه لم يقع له فلذلك لم أر له في مسنده ولا فيما يروي عنه ذكرا أصلا لا من طريق ابن عباس ولا من طريق جابر سوى ما سأله عنه الخلال وهو معذور في جوابه بالنسبة لتلك الطريق بخصوصها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب "
ابن حجر هنا صال وجال فى بطون الكتب وذكر لنا الآراء المختلفة ومنها الآراء فى رجال روايات الحديث ومع أنه بين أن كل رواية فيها مجروح أو أكثر كالحسين بن واقد وعبد الكريم بن أبى المخارق وابنه وأبو الزبير والفضل بن موسى ومع هذا حكم فى أول الكتاب بكون الحديث حسن صحيح فقال " أما حال هذا الحديث فهو حسن صحيح" ومع هذا قال أنه لم يحكم بكونه صحيحا فقال "فلو سلم أن الحديث على شرط الصحيح لم يسلم أن الحديث على شرط البخاري ولا على شرط مسلم، وإنما لم أجر على اطلاق القول بصحيحه لأن الحسين بن واقد قد تقدم أنه ربما أخطأ"
والغريب أنه نقل أقوالا تقول أن الحديث موضوع عن الفرج ابن الجوزى أو لا أصل له ولم يثبت عن النبى(ص) عند أحمد
مؤلف الكتاب ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 هـ وأما سبب تأليف الكتاب وموضوعه فى نفس الوقت فهو كما قال المؤلف:
"سئلت عن حديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، إن امرأتي لا ترد يد لامس الحديث ما حال هذا الحديث، ومن خرجه، وما سياق بقية متنه، وما معناه،ومن تكلم عليه، وهل عرف اسم الرجل والمرأة، وهل فيه أنه لما أمره بمفارقتها، قال لا أستطيع؟ وما معنى عدم الاستطاعة، وأن يكون الجواب مبسوطا "
وكانت إجابة ابن حجر هى:
"فأجبت، وبالله التوفيق أما حال هذا الحديث فهو حسن صحيح، ولم يصب من قال أنه موضوع، على ما سأبينه
وأما من خرجه فأخرجه أبو داود، والنسائي في كتابيهما (السنن) ، والبزار في (مسنده) ، من حديث ابن عباس وأخرجه النسائي من وجه آخر عنه وأخرجه الخلال، في (العلل) ، والطبراني في (معجمه) ، والبيهقي في (السنن) ، من حديث جابر
وأما سياق بقية متنه ففي رواية أبي داود (2049) (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي لا تمنع يد لامس قال غربها قال أخاف أن تتبعها نفسي، قال فاستمتع بها )
وفي رواية النسائي (5629) مثله وفي رواية أخرى للنسائي 6/160 - (5320) (إن تحتي امرأة جميلة لا ترد يد لامس، قال طلقها، قال إني لا أصبر عنها، قال فأمسكها )
وفي أوله 6/67 - (5321) (إن عندي امرأة، هي من أحب الناس إلي، وهي لا تمنع يد لامس، قال طلقها، قال لا أصبر عنها، قال استمتع بها )
وفي رواية البيهقي 7/155 (13874) (أن رجلا جاءه فقال إن لي امرأة لا تمنع يد لامس قال فارقها قال إني لا أصبر عنها قال فاستمتع بها )
وأما معناه، ومن تكلم عليه فقد وقع ذلك في كلام أبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي عبد الله ابن الأعرابي، والأصمعي، والإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الخطابي، والقاضي أبي الطيب الطبري، وآخرون ممن بعدهم
وحاصل ما حملوه عليه شيئان:
أحدهما :
أن معنى قوله (لا تمنع يد لامس) ، كناية عن الفجور وهذا قول أبي عبيد، وابن الأعرابي، وبه جزم الخطابي، في (معالم السنن) ، وشرح الحديث، فقال معناه الريبة، وأنها مطاوعة لمن أراده، لا تريده
وقوله (غربها) ، بالغين المعجمة، فعل أمر من التغريب، معناه الطلاق، وأصل الغرب في كلام العرب البعد
قلت وقع في رواية البزار، في (مسنده) بلفظ (طلقها) ، وهو شاهد لتفسير الخطابي، وكذا الرواية في حديث جابر (فارقها) ، هذا معناه
وقال الخطابي وفي الحديث دليل على نكاح الفاجرة وإن كان الاختيار غير ذلك
قلت واحتج به الرافعي في (الشرح الكبير) لذلك، وكذلك القاضي أبو الطيب كما سيأتي سياق كلامه
قال الخطابي ومعنى قوله (استمتع بها) أي لا تمسكها إلا بقدر مضي سعة النفس منها، ومن وطره والإستمتاع بالشيىء الإنتفاع به إلى مدة، ومنه نكاح المتعة، ومنه قوله تعالى {إنما هذه الحياة الدنيا متاع} أي متعة إلى ثم تنقطع، انتهى كلامه
وقد ترجم أبو داود اهذا الحديث (نكاح الأبكار) ، وكأنه يشير إلى نكاح البكر، أولى من نكاح الثيب والزنا يقع من الثيب أغلب مما يقع من البكر، وترجم له النسائي (نكاح الزانية)
والحمل الثاني :أن أنها متبذرة:
قال أبو بكر الخلال قيل للإمام أحمد بن حنبل إن أبا عبيد يقول هو من الفجور، فقال ليس هو عندنا إلا أنها تعطي من ماله وذكر عبد الحق في (الأحكام) أن أبا الحسن بن صخر، روى في (فوائده) ، عن الأصمعي، أنه كناية عن بذلها الطعام
وقال النسائي عقب تخريجه قبل كانت تحته تعطي وقال القاضي أبو الطيب الطبري القول الأول أولى، لأنه لو كان المراد به السخاء لقيل لا ترد يد ملتمس، لأنه لا يعبر عن الطلب باللمس، وإنما يعبر عنه بالإلتماس يقال لمس الرجل إذا مسه، والتمس منه إذا طلب منه
ثانيهما أن السخاء مندوب إليه، فلا تكون المرأة معاقبة لأجله بالفراق، فإن الذي تعطيه إما أن تكون من مالها، أو من مال الزوج، فإن كان من مالها فلها التصرف فيه كيف اختارت، وإن كان من مال الزوج، فعليه صونه وحفظه وعدم تمكينها منه، فلم يتعين الأمر بتطليقها
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي في (مختصر السنن الكبرى) كأن معناه أنها تتلذذ بمن يلمسها، فلا ترد يده
وأما الفاحشة العظمى فلو أرادها الرجل لكان بذلك قاذفا وقال الشيخ عماد الدين ابن كثير حمل اللمس على الزنا بعيد جدا
والأقرب حمله على أن الزوج فهم منها أنها لا ترد من أراد منها السوء، لا أنه تحقق وقوع ذلك منها بل ظهر ذلك بقرائن فأرشده الشارع إلى مفارقتها احتياطا، فلما أعلمه أنه لا يقدر على فراقها لمحبته لها وأنه لا يصبر على ذلك فرخص له في ابقائها لأن محبته لها محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم، والله أعلم "
فى هذه الفقرات من الكتاب ذكر الرجل أقوال العلماء فى معنى لا ترد يد لا مس فأشار إلى انقسام القوم إلى رأيين :
الأول: الفجور وهو ارتكاب الزنى
الثانى :التبذير المالى
وأشار الرجل إلى ردود أصحاب الرأيين على بعضهم وقد رجح الرجل الرأى الأول وإن لم يقل هذا صراحة وإنماقال أن الروايات فسرت بهضها من خلال قوله "قلت وقع في رواية البزار، في (مسنده) بلفظ (طلقها) ، وهو شاهد لتفسير الخطابي، وكذا الرواية في حديث جابر (فارقها) ، هذا معناه "
وسواء كانت الرواية بهذا المعنى أو ذلك فهى الجواب على السائل لا يمكن أن يقوله النبى(ص) فحسب المعنى الأول وهو الصحيح وهو تركها من يريد الزنى بها يزنى بها يكون النبى(ص) وهو لم يفعل قد خالف قوله تعالى " والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك" عندما طلب من الرجل العفيف أن يبقى الزانية فى عصمته وهو ما حرمه الله بقوله "وحرم ذلك على المؤمنين"
كما خالف أن الله لا يأمر بالفحشاء أى لا يشيع الفاحشة وهو أمر الرجل بالفحشاء عندما أمره أن يبقى الزانية التى تشيع الفاحشة بين المسلمين بتشجيع الرجال على الزنى معها فى عصمته وفى هذا قال تعالى :
"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة"
كما يخالف أن النبى(ص) بدلا من أن يأمره بأن يشهد عليها الشهود الأربع حتى يطلقها بلا حقوق جعله يبقيها فى عصمته
وأما المعنى الثانى وهو التبذير فمعناه أن المرأة كافرة من أخوات الشيطان كما قال تعالى "ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا"
ومن ثم فالمرأة المبذرة كافرة والكافرة لا تبقى فى عصمة المسلم كما قال تعالى :
"ولا تمسكوا بعصم الكوافر"
وأجاب ابن حجر عن اسم الرجل والمراة بأنه غير موجود فى أى حديث فقال :
"وأما اسم الرجل السائل، والمرأة المذكورة فلم يقع في شيء من طرق هذا الحديث "
وأما بقية الأسئلة فقال أن جوابها يعرف مما قاله فى الفقرات السابقة وهو:
"وأما بقية الأسئلة فيعرف جوابها مما تقدم، والله أعلم "
وبعد هذا الكلام فى معنى المتن عقد فصلا للتكلم فى أسانيد روايات الحديث فقال :
"فصل في بيان طرق هذا الحديث وكلام أهل العلم فيه:
قال أبو داود كتب إلى حسين بن حريث المروزي، حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد، عن عمارة بن أبي حفصة، عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي فذكره
وقال النسائي أخبرنا الحسين بن حريث فذكره
الكلام على رجاء له أما الحسين بن حريث فاتفق الشيخان، البخاري ومسلم، على تخريج حديثه في صحيحيهما،ووثقه النسائي وابن حبان
وأما شيخه الفضل بن موسى فمتفق عليه أيضا، ووثقه يحيى بن معين، والبخاري، وابن سعد، وقال وكيع ثقة، صاحب سنة، وقال أبو حاتم صدوق صالح، وأثنى عليه ابن المبارك
وأما شيخه الحسين بن واقد، فأخرج له مسلم محتجا به، والبخاري استشهادا، ووثقه ابن معين، وقال أبو زرعة والنسائي لا بأس به، وأثنى عليه أحمد، وقال ابن سعد كان حسن الحديث، وقال أحمد حديث عن أبي المنيب منه أبر، وقال ابن حبان كان على قضاء مرو، وربما أخطأ
وأما شيخه عمارة بن أبي حفصة، واسم أبي حفصة نابت بالنون ثم الموحدة ثم المثناة، فأخرج البخاري، ووثقه ابن معين، وأبو زرعة، والنسائي وغيرهم
وأما عكرمة فاحتج به البخاري قال الحافظ زكي الدين المندري في (مختصر السنن) رجال اسناده محتج بهم في الصحيحين على الاتفاق والانفراد
قلت يريد بالنسبة إلى مجموع الصحيحين لا إلى كل فرد فرد منهما، فإن البخاري ما احتج بالحسين بن واقد، ولذلك لم يحتج مسلم بعمارة ولا بعكرمة
فلو سلم أن الحديث على شرط الصحيح لم يسلم أن الحديث على شرط البخاري ولا على شرط مسلم، وإنما لم أجر على اطلاق القول بصحيحه لأن الحسين بن واقد قد تقدم أنه ربما أخطأ
والفضل بن موسى قال أحمد إن في روايته مناكير، وكذلك نقل عبد الله بن علي بن المديني
وإذا قيل مثل هذا في الراوي يوقف الناقد في تصحيح حديثه الذي ينفرد به وقد قال البزار بعد تخريجه لا نعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا بهذا الإسناد
وقال الدارقطني في (الأفراد) تفرد به الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة، وتفرد به الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد
وقد حكى ذلك أيضا المنذري عن الدارقطني ووقفت عليه في كتاب (أفراد الأفراد) لأبي الفضل بن طاهر والنسخة بخط المنذري
وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في (الأحاديث المختارة) من طريق النسائي عن الحسين بن حريث، أسنده ودعوى البزار فيها نظر، لأن النسائي أخرجه من وجه عن ابن عباس،
قال المنذري أخرجه النسائي من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن ابن عباس، وقال هذا الحديث ليس بثابت والمرسل فيه أولى بالصواب
قلت أخرجه النسائي عن إسحاق بن راهويه عن النضر بن شميل عن حماد بن سلمة عن هارون بن رباب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس موصولا، وإسحاق، والنضر متفق على الإحتجاج بهما،وحماد بن سلمة احتج به مسلم، واستشهد به البخاري وهارون بن رباب، بكسر الراء وبهمزة حقيقية بآخره باء موحدة، احتج به مسلم، وعبد الله بن عبيد بن عمير لذلك فهذا الإسناد قوي لهؤلاء الرجال لكن أخرجه النسائي بعده من رواية يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هارون بن رباب، وعبد الكريم أما هارون فقال عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا
وأما عبد الكريم فقال عن عبد الله بن عبيد عن ابن عباس موصولا
قال النسائي رواية يزيد أولى بالصواب يعني أن في الرواية التي أخرجها أولا اجمالا، وأن الموصول عن حماد بن سلمة عن عبد الكريم وهو ابن أبي المخارق وابنه البصري أحد الضعفاء، وأن رواية هارون الثقة مرسلة
قلت لكن إذا انضمت هذه الطريقة إلى الطريق الأخرى المباينة لها في أعيان رجالها إلى ابن عباس علم أن للحديث أصلا وزال ما كان يخشى من تفرد الفضل بن موسى وشيخه
وللحديث مع ذلك شاهد عن جابر بن عبد الله أخرجه الخلال والطبراني من طريق عبد الكريم بن مالك الجزري
وأخرجه البيهقي من طريق معقل بن عبيد الله الجزري كلاهما عن أبي الزبير محمد بن مسلم عن جابر بن عبد الله، ورجال الطريقين موثقون إلا أن أبا الزبير رضي بالتدليس، ولم أره من حديثه إلا بالعنعنة
وقد قال الحافظ شمس الدين الذهبي في (مختصر السنن) اسناده صالح
وسئل عنه أحمد فيما حكاه الخلال فقال ليس له أصل ولا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
قلت بل انضمت هذه الطريق إلى ما تقدم من طريقي حديث ابن عباس لم يتوقف المحدث عن الحكم بصحة الحديث ولا يلتفت إلى ما وقع من أبي الفرج ابن الجوزي حيث ذكر هذا الحديث في الموضوعات، ولم يذكر من طرقه إلا الطريق التي أخرجها الخلال من طريق أبي الزبير عن جابر، واعتمد في بطلانه على ما نقله الخلال عن أحمد فأبان ذلك عن قلة اطلاع ابن الجوزي وغلبة التقليد عليه حتى حكم بوضع الحديث لمجرد ما جاء عن أمامة
ولو عرضت هذه الطريق على أمامة لاعترف أن للحديث أصلا، ولكنه لم يقع له فلذلك لم أر له في مسنده ولا فيما يروي عنه ذكرا أصلا لا من طريق ابن عباس ولا من طريق جابر سوى ما سأله عنه الخلال وهو معذور في جوابه بالنسبة لتلك الطريق بخصوصها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب "
ابن حجر هنا صال وجال فى بطون الكتب وذكر لنا الآراء المختلفة ومنها الآراء فى رجال روايات الحديث ومع أنه بين أن كل رواية فيها مجروح أو أكثر كالحسين بن واقد وعبد الكريم بن أبى المخارق وابنه وأبو الزبير والفضل بن موسى ومع هذا حكم فى أول الكتاب بكون الحديث حسن صحيح فقال " أما حال هذا الحديث فهو حسن صحيح" ومع هذا قال أنه لم يحكم بكونه صحيحا فقال "فلو سلم أن الحديث على شرط الصحيح لم يسلم أن الحديث على شرط البخاري ولا على شرط مسلم، وإنما لم أجر على اطلاق القول بصحيحه لأن الحسين بن واقد قد تقدم أنه ربما أخطأ"
والغريب أنه نقل أقوالا تقول أن الحديث موضوع عن الفرج ابن الجوزى أو لا أصل له ولم يثبت عن النبى(ص) عند أحمد
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب اتحاف الخلان في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن
» نقد جزء فيه الكلام على حديث إن أولى الناس بي أكثرهم علي صلاة
» نقد كتاب حديث الطير2
» قراءة فى كتاب الكلام المنظوم مما قيل في الجاثوم
» نقد كتاب حديث الطير
» نقد جزء فيه الكلام على حديث إن أولى الناس بي أكثرهم علي صلاة
» نقد كتاب حديث الطير2
» قراءة فى كتاب الكلام المنظوم مما قيل في الجاثوم
» نقد كتاب حديث الطير
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى