نقد كتاب إغلاق الأبواب لمنع الحب والإعجاب
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب إغلاق الأبواب لمنع الحب والإعجاب
نقد كتاب إغلاق الأبواب لمنع الحب والإعجاب
الكتاب إعداد محمد بن أحمد العماري وعنوان الكتاب عنوان خاطىء يتعارض مع كتاب الله ومع الواقع فلا يمكن منع الحب أو الإعجاب سواء كان بين الرجال والنساء أو بين الرجال والرجال أو بين النساء والنساء أو حتى بين المسلم والله وموضوع الكتاب كما قال المعد:
"أما بعد فلما كان الحب والإعجاب ألم وعذاب أجتهدت أن أغلق الأبواب لمنع العذاب فوجدت ثلاثة أبواب يدخل منها الحب والإعجاب من أغلقتها بالمفتاح فمن العذاب سترتاح "
قرر الرجل من بداية الكتاب أن الحب والإعجاب ألم وعذاب وسوف نتكلم على الحب والإعجاب كل بمفرده فأما الإعجاب فقد ذكر التالى عنه فى كتابه :
أن الإعجاب حادث من النبى (ص)فهو قد يعجب بحسن بعض النساء وفى هذا قال تعالى "لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك"
فالإعجاب هنا مباح لأنه يقع من نظرة عابرة لا تتكرر وهو ما يسمى بنظرة الفجاءة وقد بين الله أن المحرم فى الإعجاب هو ترتب ذنب عليه مثل :
أن يتزوج الرجل كافرة لأنه أعجب بحسنها وهو جمالها وفى هذا قال تعالى "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"
أن تتزوج المرأة كافر لأنها أعجبت بجماله وفى هذا قال تعالى " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم"
فهذا الإعجاب هو إعجاب بجمال الجسم وهو يقع بين الرجال والنساء كما يقع بين الرجال والرجال كما فى قوله تعالى "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم"
إذا الإعجاب مباح لأن طبيعة النفس البشرية هو الميل لما يفرحها والشرع إنما حرم من الإعجاب ما يجعل الإنسان يرتكب الذنوب وهو عصيان أوامر الله بتزوج الكافرة أو بتزوج كافر أو النظر لمتزوجة أو النظر لمتزوج بأربع أو النظر بقصد الزنى وأباح للمعجب أن ينظر للمرأة إن كانت غير متزوجة ويريد زواجها وأباح للمرأة أن تنظر لمن أعجبت به طالما هى غير متزوجة وترغب فى الزواج منه
وأما الحب وهو الإنشغال النفسى بالأخر فمنه المحرم كما حدث من امرأة متزوجة حيث أحبت فتاها ولو أحبته فى قلبها ما كان حراما طالما تقوم بحقوق الزوجية ولكن الحب تحول لإرادة قضاء الشهوة معه فى الحرام والإعداد لهذا كما قال تعالى "وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون"
وقد سمت النسوة هذا شغف بحب الفتى وهو ضلال أى كفر فى رأينه فقلن كما قص الله "وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها فى ضلال مبين"
الحب قد يقع بين الزوج والزوجة معا وقد يقع بين رجل متزوج أو غير متزوج وامرأة متزوجة من غيره أو بين امرة متزوجة ورجل غير متزوج أو متزوج أو يقع بين غير الأزواج وهو على نوعين كالكراهية :
الأول الحب المباح بين غير الزوج والزوجة ويكون مجرد انشغال نفسى أى قلبى لا يتعدى إلى الزنى أو النظر المحرم أو إلى ألانشغال عن الطاعات لأحكام الله والكراهية المباحة هى الكراهية القلبية التى لا تتعدى إلى قتل أو جرح المكروهة أو إيذائها أو الانشغال عن طاعات أحكام الله وهى الزوجة أو المكروه وهو الزوج وفيها قال تعالى " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "
فالكراهية هنا لو كانت ذنبا لكان الطلاق واجبا ولكن العشرة بالمعروف وهو العدل ومن ثم لو كان الحب ذنبا لكان الطلاق أو طلبه واجبا ولكنها العشرة بالمعروف حرصا على الخير ممثلا فى الأولاد
الثانى الحب المحرم وهو الذى يخرج إلى ارتكاب الذنوب سواء كانت الزنى أو النظر المحرم أو ترك طاعات الله ومثله الكراهية المحرمة وهى التى تخرج عن نطاق القلب إلى الإيذاء البدنى أو المالى أو الإجتماعى أو غير ذلك وهو ما حدث فى قصة امرأة العزيز التى أذت نفسها بفضيحتها وزوجها وسط المجتمع كما أذت الحبيب بسجنه أو تعذيبه كما "قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم"
إذا لا يمكن أن يحرم الإنسان ما أباح الله ولا يمكن أن يمنع شىء يحدث وسيحدث طالما الناس موجودون
والمعد جعل أسباب الإغلاق ثلاث السمع والبصر والغناء وهو كلام ليس صحيحا ومن يريد غلق شىء فعليه أن يغلق شىء واحد وهو المشيئة أى الإرادة فإذا أغلق الإرادة بمعنى أن إرادة الإنسان إذا قررت الامتناع عن الحب أو الإعجاب فسوف تمتنع وإما إذا لم تقرر فلن يمنعها شىء حتى ولو تم إعماء العيون وإحداث الصمم فى الآذان لأن الشىء موجود فى القلب
الحب يحدث باللمس وبالشم وبأفعال خير أى حسنات أى أعمال صالحة كما قال تعالى " ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم"
وما يحدث فى الحياة خاصة الحياة الزوجية غالبا فى ظروف الحاجة يدفع الزوج والزوجة غالبا لكراهية بعضهم البعض فهى تظن أنه لا يفعل ما عليه ومن ثم تكرهه بما تقوله من كلمات تنكد به عليها بأنه عاجز عن أن يعيشها هى أولادها كما تعيش فلانة وفلان وهو بالكلمات المسيئة له يكرهها ويتمنى لو غابت عن وجهه بالموت او بأى وسيلة أخرى وأما الأغنياء فتحدث بينهم الكراهية نتيجة انشغال الغنى بزيادة أمواله ومن ثم غيابه عن البيت ومن ثم لا تجد المرأة وقت فراغ كبير جدا خاصة أنه عندما يحضر فإنه يكون متعبا بسبب سهره للحصول على صفقات ومن ثم فهو يبتعد عن جماعها لتعبه الجسدىومن ثم تضطر هى إلى الانشغال بغيره
والآن لذكر ما قاله المعد ومعظمه نقول عن الغير:
"الباب الأول: باب النظر"
قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} [النور: 31]
فغض البصر يزيل الخطر لأن النظر باب يفتح على الحب والإعجاب
قال ابن القيم رحمه الله: ومن كرر النظر ونقب عن محاسن الصورة ونقلها إلي قلب فارغ فنقشها فيه تمكنت المحبة ولما فتحت امرأة العزيز الباب دخل الحب والإعجاب قال تعالى: {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين} [يوسف: 30] فدعتهن وأرتهن أن كل من فتح هذا الباب دخل عليه الحب والإعجاب قال تعالى: {فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} [يوسف: 31]
وكما قيل:
كم نظرة نفت الرقاد وغادرت في حد قلبي ما بقيت فلولا
وقد قيل:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولاوتر
ومن فتحت لنظرها الباب أوردها الحب والإعجاب
تمتعتما يا مقلتي بنظرة فأوردتما قلبي أشر الموارد
أعيني كفا عن فؤادي فإنه من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
ومن فتحت لنظرها الباب رأت الهلاك والعذاب
نظر العيون إلى العيون هو الذي جعل الهلاك إلي الفؤاد سبيلا
مازالت اللحظات تغزوا قلبه حتى تشحط بينهن قتيلا
ومن فتحت للنظر الباب ذهب بعقلها الحب والإعجاب
ومن كان يؤتى من عدو وحاسد فإني من عيني أوتي ومن قلبي
هما اعتوراني نظرة ثم فكرة فما أبقيا لي من رقاد ولا لب
وما رمت المرأة نفسها بمثل طرفها (رماني بها طرفي فلم يخط مقلتي)
وقال المتنبي:
وأنا الذي اجتلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
ومن فتحت للنظر الباب دخل الحب والعذاب
سهرت ومن أهدى لي الشوق نائم وعذب قلبي بالهوى وهو سالم
وتقول إحدى الناظرات تشكو الحسرات
أدعو الذي صرف الهوى مني إليك ومنك عني
أن يبتليك بما ابتلاني أو يسل الحب مني
وقالت أخرى تشكوى البلوى
ذهبت بعقلي في هواه صغيرة وقد كبرت سني فرد بها عقلي
و إلا فسوي الحب بيني وبينه فإنك يا مولاي توصف بالعدل
ومن أطلقت النظرات دامت لها الحسرات
قال بن القيم رحمه الله: ومن أطلق نظره دامت حسرته فأضر شيء على القلب إرسال البصر فإنه يريه ما لا صبر له عنه ولا وصول له إليه وذلك غاية ألمه وعذابه
وقد قيل:
وأنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ومن فتحت باب الحب فإنما ترمي القلب
قال ابن القيم رحمه الله: والناظر إنما يرمي من نظره بسهام هدفها قلبه
يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا أنت القتيل بما ترم فلا تصب
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له توقه إنه يأتيك بالعطب
وما جنت المرأة على جسدها بمثل إطلاق بصرها فتعيش تهوى أشخاصا ولا ترى أبدانا
وكما قيل:
والله يا بصري الجاني على جسدي لأطفئن بدمعي لوعة الحزن
تالله تطمع أن أبكي هوى وضنى وأنت تشبع من نوم ومن وسن
هيهات حتى ترى طرفا بلا نظر كما أرى في الهوى شخصا بلا بدن
فلا أضر على البشر من إطلاق النظر
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه ) رواه أحمد
فالنظر سهم مسموم يصيب القلب بجروح وهموم كما أخبر المعصوم فإن لم يصب القلب شهوة أصابته محبة وحسره
قال ابن القيم رحمه الله: فإن السهم شأنه أن يسري في القلب فيعمل فيه عمل السم الذي يسقاه المسموم فإن بادر واستفرغه وإلا قتله
وقال رحمه الله : النظر يفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته
وقال رحمه الله: النظرة بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كتب على بني آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لامحا له العينان زناهما النظر) رواه البخاري ومسلم
قال ابن القيم رحمه الله: العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته
قلت : وهذا عام للرجال والنساء على حد سواء فقد أمر النساء في النور بما أمر به الذكور
قال الإمام الشافعي رحمه الله: وكما لا يجوز للرجل أن ينظر في المرأة فكذلك لا يجوز للمرأة أن تنظر في الرجل لهذه الآية
و قال ابن كثير رحمه الله: وقد ذهب كثير من العلماء إلي أنه لا يجوز للمرأة النظر إلي الرجال الأجانب بشهوة أو بغير شهوة أصلا
وقال ابن تيمية رحمه الله: وإن انتفت الشهوة يبقى النظر مظنة الفتنة والأصل أن كل ما كان سببا في الفتنة فإنه لا يجوز
وقال: ومن كرر النظر وأدامه وقال إني لا أنظر لشهوة فقد كذب لأنه لم يكن النظر إلا لما حصل في قلبه من اللذة و أما نظر الفجأة فهو عفو إذا صرف بصره
و قال النووي رحمه الله: والصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لهذه الآية أي آية النور ولأن الفتنة مشتركة فكما يخاف الرجل الافتتان بالمرأة فإن المرأة تخاف الافتتان بالرجل
وقال العظيم أبادي: ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلي النوع الآخر قياسا على الرجال وإنما منع النظر خوف الفتنة وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلا فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجال وقال تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} [الفرقان: 20]
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: جعل الله المرأة فتنة للرجل والرجل فتنة للمرأة وقال النووي (إنما منع النظر خوف الفتنة] قلت: وهذا التعليل دل عليه الدليل
عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -:أن النبي لوى عنق الفضل بن عباس لما نظر في الخثعمية فقال له العباس لويت عنق بن عمك فقال - صلى الله عليه وسلم - رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما) رواه البخاري ومسلم
ولأحمد فخفت الشيطان عليهما وفي بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يده على وجه الفضل وصرفه
قال النووي رحمه الله: وفيه دليل على صرف الفتنة عنه وعنها وفيه غض البصر عن الأجنبيات وغضهن عن الرجال الأجانب"
غض البصر بمعنى عدم تكرار النظر مطلوب ولكن عن من فغض النظر من جانب الرجل يكون عن المتزوجات غير المحرمات عليه كابنته وأمه وعمته وخالته وبنات اخوته وأخواته ويكون عن غير المتزوجات إذا كان تزوج أربعة وأما إذا كان متزوج من واحدة أو اثنين أو ثلاثة فيحق له البصر وهو النظر لغير المتزوجات غير المحرمات عليه إن كان يريد الزواج وأما إن كان لا يريد الزواج فمحرم عليه النظر لغير المتزوجات غير المحرمات عليه
وأما المرأة فنظرها يغض عن الرجال المتزوجين وغير المتزوجين سوى الرجال المحرم عليهم زواجهم كأبيها وأخيها وعمها وجدها
الكلام هنا عن النظر العادى وأما النظر الشهوانى فمحرم على الكل عدا الزوج والزوجة لأن الزنى يحدث بين الكل
وقال فى الباب الثانى:
"الباب الثاني: باب السمع :
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها) رواه البخاري
و عن أبى هريرة - رضي الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه» رواه مسلم
فمن فتحت للسمع الباب تمكن من قلبها الحب والإعجاب
قال ابن القيم رحمه الله: فيا أيها العاشق سمعه قبل طرفه فإن الأذن تعشق قبل العين أحيانا وجيش المحبة يدخل المدينة من باب السمع كما يدخلها من باب البصر والمؤمنون يشتاقون إلى الجنة وما رأوها ولو رأوها كانوا أشد لها شوقا ومما أنشد
أحببتكم بالسمع قبل لقائكم وسمع الفتى يحبب تماما كطرفه
وخبرت عنكم كل خير ورفعة فلما التقينا كنتم فوق وصفه
والأذن بعض الحين تعشق قبل العين
قال المعري:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة و الأذن تعشق قبل العين أحيانا
ومن فتحت لسمعها المجال لتسمع أوصاف الرجال شغفها الحب وعصف بالقلب
أيعشق الإنسان من لا يرى فقلت والدمع بعيني غزير
إن كان طرفي لايرى شخصها فإنها قد صورت في الضمير
لاسيما أوصاف المعين كوصف الزوجة لزوجها والمرأة لابنها والصديقة لأخيها
وقد نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصف المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها
فقال - صلى الله عليه وسلم - (لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها)
ألا فليتق الله النساء فلا يصفن بعولتهن ولا آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن لمن يجالسهن لأن من فتحت بالوصف الباب قتلت أختها بالحب والإعجاب {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: 93]"
المعد هنا ركز على أمر واحد من الكلام وهو وصف المرأة أو وصف الرجل من قبل الأخرين وهذه الوصف ليس حراما كله فوصف المرأة لمن يريد زواجها ووصف الرجل لمن تريد زواجه حلال وهناك أنواع أخرى من الكلام المحرم الذى يثير الحب والإعجاب مثل الخضوع بالقول وهو إلانة القول وفيه قال تعالى "يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض"
والباب الثالث وهو الغناء المفروض أنه جزء من السمع ولكنه خصه بباب وحده فقال :
"الباب الثالث: الغناء :
وقد قيل: الغناء يسعر القلوب ويستفز العقول ويستخف الحليم ويبعث على اللهو ويحض على الطرب
وقد قيل:
أذلني الهوى فأنا الذليل وليس إلى الذي أهوى سبيل
وقال الكندي: من سمع الغناء طرب ومن طرب سمح ومن سمح افتقر ومن افتقر اغتم ومن اغتم مرض ومن مرض مات
وقيل لرجل من سمع الغناء على حقيقته مات فقال اللهم لا تسمعنا إياه فنموت
والغناء داعية للفحشاء
قال الحطيئة الغناء داعية الزنا
وما ذهب بعقول النساء شيء مثل الغناء
قال الخليفة سليمان بن عبد الملك إن الفرس يصهل فتستدق له الحجر , وإن الفحل يخطر فتصبع له الناقة وإن التيس ينب فتستحرم له العنز , وإن الرجل يغني فتشبق له المرأة
وقال الشاعر:
وغادة سمعت صوتي فأرقها من آخر الليل لما ملها السهر
لم يحجب الصوت أحراس ولاغلق فدمعها بأعالي الخد ينحدر
لو خليت لمشت نحوي على قدم تكاد من رقة للمشي تنفطر"
الغناء منه حلال وحرام فمن تغنى لزوجها أو يغنى زوجته غناه مباح حتى ولو غناءهما غناء من النوع الذى نسميه فاحش لأنه جزء من ضمن الجماع المباح طالما لا يسمعه أحد سواهما والحرام الغناء الداعى للحب القلبى أو الفاحش بين غير الأزواج والزوجات .
والملاحظ فى كلام المعد هو أنه ركز كلامه على النساء باعتبارهن أقل عقلا كما يظن ومن ثم أكثر انقيادا للحب والإعجاب والمفترض أن الأمرين يحدثان من الطرفين ومن ثم تلاحظ جمل مثل :
ومن فتحت لنظرها الباب أوردها الحب والإعجاب
ومن فتحت لنظرها الباب رأت الهلاك والعذاب
ومن فتحت للنظر الباب ذهب بعقلها الحب والإعجاب
وما رمت المرأة نفسها بمثل طرفها
ومن فتحت للنظر الباب دخل الحب والعذاب
ومن أطلقت النظرات دامت لها الحسرات
ومن فتحت باب الحب فإنما ترمي القلب
وما جنت المرأة على جسدها بمثل إطلاق بصرها فتعيش تهوى أشخاصا ولا ترى أبدانا
فمن فتحت للسمع الباب تمكن من قلبها الحب والإعجاب
ومن سمعت الغناء نزل بها البلاء وفتح لها الباب على الحب والإعجاب
ولا نجد شىء من ذلك قاله للرجال مع أن المسئولية واحدة كما قال هو :
"قلت : وهذا عام للرجال والنساء على حد سواء فقد أمر النساء في النور بما أمر به الذكور"
الكتاب إعداد محمد بن أحمد العماري وعنوان الكتاب عنوان خاطىء يتعارض مع كتاب الله ومع الواقع فلا يمكن منع الحب أو الإعجاب سواء كان بين الرجال والنساء أو بين الرجال والرجال أو بين النساء والنساء أو حتى بين المسلم والله وموضوع الكتاب كما قال المعد:
"أما بعد فلما كان الحب والإعجاب ألم وعذاب أجتهدت أن أغلق الأبواب لمنع العذاب فوجدت ثلاثة أبواب يدخل منها الحب والإعجاب من أغلقتها بالمفتاح فمن العذاب سترتاح "
قرر الرجل من بداية الكتاب أن الحب والإعجاب ألم وعذاب وسوف نتكلم على الحب والإعجاب كل بمفرده فأما الإعجاب فقد ذكر التالى عنه فى كتابه :
أن الإعجاب حادث من النبى (ص)فهو قد يعجب بحسن بعض النساء وفى هذا قال تعالى "لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك"
فالإعجاب هنا مباح لأنه يقع من نظرة عابرة لا تتكرر وهو ما يسمى بنظرة الفجاءة وقد بين الله أن المحرم فى الإعجاب هو ترتب ذنب عليه مثل :
أن يتزوج الرجل كافرة لأنه أعجب بحسنها وهو جمالها وفى هذا قال تعالى "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"
أن تتزوج المرأة كافر لأنها أعجبت بجماله وفى هذا قال تعالى " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم"
فهذا الإعجاب هو إعجاب بجمال الجسم وهو يقع بين الرجال والنساء كما يقع بين الرجال والرجال كما فى قوله تعالى "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم"
إذا الإعجاب مباح لأن طبيعة النفس البشرية هو الميل لما يفرحها والشرع إنما حرم من الإعجاب ما يجعل الإنسان يرتكب الذنوب وهو عصيان أوامر الله بتزوج الكافرة أو بتزوج كافر أو النظر لمتزوجة أو النظر لمتزوج بأربع أو النظر بقصد الزنى وأباح للمعجب أن ينظر للمرأة إن كانت غير متزوجة ويريد زواجها وأباح للمرأة أن تنظر لمن أعجبت به طالما هى غير متزوجة وترغب فى الزواج منه
وأما الحب وهو الإنشغال النفسى بالأخر فمنه المحرم كما حدث من امرأة متزوجة حيث أحبت فتاها ولو أحبته فى قلبها ما كان حراما طالما تقوم بحقوق الزوجية ولكن الحب تحول لإرادة قضاء الشهوة معه فى الحرام والإعداد لهذا كما قال تعالى "وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون"
وقد سمت النسوة هذا شغف بحب الفتى وهو ضلال أى كفر فى رأينه فقلن كما قص الله "وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها فى ضلال مبين"
الحب قد يقع بين الزوج والزوجة معا وقد يقع بين رجل متزوج أو غير متزوج وامرأة متزوجة من غيره أو بين امرة متزوجة ورجل غير متزوج أو متزوج أو يقع بين غير الأزواج وهو على نوعين كالكراهية :
الأول الحب المباح بين غير الزوج والزوجة ويكون مجرد انشغال نفسى أى قلبى لا يتعدى إلى الزنى أو النظر المحرم أو إلى ألانشغال عن الطاعات لأحكام الله والكراهية المباحة هى الكراهية القلبية التى لا تتعدى إلى قتل أو جرح المكروهة أو إيذائها أو الانشغال عن طاعات أحكام الله وهى الزوجة أو المكروه وهو الزوج وفيها قال تعالى " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "
فالكراهية هنا لو كانت ذنبا لكان الطلاق واجبا ولكن العشرة بالمعروف وهو العدل ومن ثم لو كان الحب ذنبا لكان الطلاق أو طلبه واجبا ولكنها العشرة بالمعروف حرصا على الخير ممثلا فى الأولاد
الثانى الحب المحرم وهو الذى يخرج إلى ارتكاب الذنوب سواء كانت الزنى أو النظر المحرم أو ترك طاعات الله ومثله الكراهية المحرمة وهى التى تخرج عن نطاق القلب إلى الإيذاء البدنى أو المالى أو الإجتماعى أو غير ذلك وهو ما حدث فى قصة امرأة العزيز التى أذت نفسها بفضيحتها وزوجها وسط المجتمع كما أذت الحبيب بسجنه أو تعذيبه كما "قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم"
إذا لا يمكن أن يحرم الإنسان ما أباح الله ولا يمكن أن يمنع شىء يحدث وسيحدث طالما الناس موجودون
والمعد جعل أسباب الإغلاق ثلاث السمع والبصر والغناء وهو كلام ليس صحيحا ومن يريد غلق شىء فعليه أن يغلق شىء واحد وهو المشيئة أى الإرادة فإذا أغلق الإرادة بمعنى أن إرادة الإنسان إذا قررت الامتناع عن الحب أو الإعجاب فسوف تمتنع وإما إذا لم تقرر فلن يمنعها شىء حتى ولو تم إعماء العيون وإحداث الصمم فى الآذان لأن الشىء موجود فى القلب
الحب يحدث باللمس وبالشم وبأفعال خير أى حسنات أى أعمال صالحة كما قال تعالى " ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم"
وما يحدث فى الحياة خاصة الحياة الزوجية غالبا فى ظروف الحاجة يدفع الزوج والزوجة غالبا لكراهية بعضهم البعض فهى تظن أنه لا يفعل ما عليه ومن ثم تكرهه بما تقوله من كلمات تنكد به عليها بأنه عاجز عن أن يعيشها هى أولادها كما تعيش فلانة وفلان وهو بالكلمات المسيئة له يكرهها ويتمنى لو غابت عن وجهه بالموت او بأى وسيلة أخرى وأما الأغنياء فتحدث بينهم الكراهية نتيجة انشغال الغنى بزيادة أمواله ومن ثم غيابه عن البيت ومن ثم لا تجد المرأة وقت فراغ كبير جدا خاصة أنه عندما يحضر فإنه يكون متعبا بسبب سهره للحصول على صفقات ومن ثم فهو يبتعد عن جماعها لتعبه الجسدىومن ثم تضطر هى إلى الانشغال بغيره
والآن لذكر ما قاله المعد ومعظمه نقول عن الغير:
"الباب الأول: باب النظر"
قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} [النور: 31]
فغض البصر يزيل الخطر لأن النظر باب يفتح على الحب والإعجاب
قال ابن القيم رحمه الله: ومن كرر النظر ونقب عن محاسن الصورة ونقلها إلي قلب فارغ فنقشها فيه تمكنت المحبة ولما فتحت امرأة العزيز الباب دخل الحب والإعجاب قال تعالى: {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين} [يوسف: 30] فدعتهن وأرتهن أن كل من فتح هذا الباب دخل عليه الحب والإعجاب قال تعالى: {فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} [يوسف: 31]
وكما قيل:
كم نظرة نفت الرقاد وغادرت في حد قلبي ما بقيت فلولا
وقد قيل:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولاوتر
ومن فتحت لنظرها الباب أوردها الحب والإعجاب
تمتعتما يا مقلتي بنظرة فأوردتما قلبي أشر الموارد
أعيني كفا عن فؤادي فإنه من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
ومن فتحت لنظرها الباب رأت الهلاك والعذاب
نظر العيون إلى العيون هو الذي جعل الهلاك إلي الفؤاد سبيلا
مازالت اللحظات تغزوا قلبه حتى تشحط بينهن قتيلا
ومن فتحت للنظر الباب ذهب بعقلها الحب والإعجاب
ومن كان يؤتى من عدو وحاسد فإني من عيني أوتي ومن قلبي
هما اعتوراني نظرة ثم فكرة فما أبقيا لي من رقاد ولا لب
وما رمت المرأة نفسها بمثل طرفها (رماني بها طرفي فلم يخط مقلتي)
وقال المتنبي:
وأنا الذي اجتلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
ومن فتحت للنظر الباب دخل الحب والعذاب
سهرت ومن أهدى لي الشوق نائم وعذب قلبي بالهوى وهو سالم
وتقول إحدى الناظرات تشكو الحسرات
أدعو الذي صرف الهوى مني إليك ومنك عني
أن يبتليك بما ابتلاني أو يسل الحب مني
وقالت أخرى تشكوى البلوى
ذهبت بعقلي في هواه صغيرة وقد كبرت سني فرد بها عقلي
و إلا فسوي الحب بيني وبينه فإنك يا مولاي توصف بالعدل
ومن أطلقت النظرات دامت لها الحسرات
قال بن القيم رحمه الله: ومن أطلق نظره دامت حسرته فأضر شيء على القلب إرسال البصر فإنه يريه ما لا صبر له عنه ولا وصول له إليه وذلك غاية ألمه وعذابه
وقد قيل:
وأنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ومن فتحت باب الحب فإنما ترمي القلب
قال ابن القيم رحمه الله: والناظر إنما يرمي من نظره بسهام هدفها قلبه
يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا أنت القتيل بما ترم فلا تصب
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له توقه إنه يأتيك بالعطب
وما جنت المرأة على جسدها بمثل إطلاق بصرها فتعيش تهوى أشخاصا ولا ترى أبدانا
وكما قيل:
والله يا بصري الجاني على جسدي لأطفئن بدمعي لوعة الحزن
تالله تطمع أن أبكي هوى وضنى وأنت تشبع من نوم ومن وسن
هيهات حتى ترى طرفا بلا نظر كما أرى في الهوى شخصا بلا بدن
فلا أضر على البشر من إطلاق النظر
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه ) رواه أحمد
فالنظر سهم مسموم يصيب القلب بجروح وهموم كما أخبر المعصوم فإن لم يصب القلب شهوة أصابته محبة وحسره
قال ابن القيم رحمه الله: فإن السهم شأنه أن يسري في القلب فيعمل فيه عمل السم الذي يسقاه المسموم فإن بادر واستفرغه وإلا قتله
وقال رحمه الله : النظر يفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته
وقال رحمه الله: النظرة بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كتب على بني آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لامحا له العينان زناهما النظر) رواه البخاري ومسلم
قال ابن القيم رحمه الله: العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته
قلت : وهذا عام للرجال والنساء على حد سواء فقد أمر النساء في النور بما أمر به الذكور
قال الإمام الشافعي رحمه الله: وكما لا يجوز للرجل أن ينظر في المرأة فكذلك لا يجوز للمرأة أن تنظر في الرجل لهذه الآية
و قال ابن كثير رحمه الله: وقد ذهب كثير من العلماء إلي أنه لا يجوز للمرأة النظر إلي الرجال الأجانب بشهوة أو بغير شهوة أصلا
وقال ابن تيمية رحمه الله: وإن انتفت الشهوة يبقى النظر مظنة الفتنة والأصل أن كل ما كان سببا في الفتنة فإنه لا يجوز
وقال: ومن كرر النظر وأدامه وقال إني لا أنظر لشهوة فقد كذب لأنه لم يكن النظر إلا لما حصل في قلبه من اللذة و أما نظر الفجأة فهو عفو إذا صرف بصره
و قال النووي رحمه الله: والصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لهذه الآية أي آية النور ولأن الفتنة مشتركة فكما يخاف الرجل الافتتان بالمرأة فإن المرأة تخاف الافتتان بالرجل
وقال العظيم أبادي: ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلي النوع الآخر قياسا على الرجال وإنما منع النظر خوف الفتنة وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلا فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجال وقال تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} [الفرقان: 20]
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: جعل الله المرأة فتنة للرجل والرجل فتنة للمرأة وقال النووي (إنما منع النظر خوف الفتنة] قلت: وهذا التعليل دل عليه الدليل
عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -:أن النبي لوى عنق الفضل بن عباس لما نظر في الخثعمية فقال له العباس لويت عنق بن عمك فقال - صلى الله عليه وسلم - رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما) رواه البخاري ومسلم
ولأحمد فخفت الشيطان عليهما وفي بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يده على وجه الفضل وصرفه
قال النووي رحمه الله: وفيه دليل على صرف الفتنة عنه وعنها وفيه غض البصر عن الأجنبيات وغضهن عن الرجال الأجانب"
غض البصر بمعنى عدم تكرار النظر مطلوب ولكن عن من فغض النظر من جانب الرجل يكون عن المتزوجات غير المحرمات عليه كابنته وأمه وعمته وخالته وبنات اخوته وأخواته ويكون عن غير المتزوجات إذا كان تزوج أربعة وأما إذا كان متزوج من واحدة أو اثنين أو ثلاثة فيحق له البصر وهو النظر لغير المتزوجات غير المحرمات عليه إن كان يريد الزواج وأما إن كان لا يريد الزواج فمحرم عليه النظر لغير المتزوجات غير المحرمات عليه
وأما المرأة فنظرها يغض عن الرجال المتزوجين وغير المتزوجين سوى الرجال المحرم عليهم زواجهم كأبيها وأخيها وعمها وجدها
الكلام هنا عن النظر العادى وأما النظر الشهوانى فمحرم على الكل عدا الزوج والزوجة لأن الزنى يحدث بين الكل
وقال فى الباب الثانى:
"الباب الثاني: باب السمع :
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها) رواه البخاري
و عن أبى هريرة - رضي الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه» رواه مسلم
فمن فتحت للسمع الباب تمكن من قلبها الحب والإعجاب
قال ابن القيم رحمه الله: فيا أيها العاشق سمعه قبل طرفه فإن الأذن تعشق قبل العين أحيانا وجيش المحبة يدخل المدينة من باب السمع كما يدخلها من باب البصر والمؤمنون يشتاقون إلى الجنة وما رأوها ولو رأوها كانوا أشد لها شوقا ومما أنشد
أحببتكم بالسمع قبل لقائكم وسمع الفتى يحبب تماما كطرفه
وخبرت عنكم كل خير ورفعة فلما التقينا كنتم فوق وصفه
والأذن بعض الحين تعشق قبل العين
قال المعري:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة و الأذن تعشق قبل العين أحيانا
ومن فتحت لسمعها المجال لتسمع أوصاف الرجال شغفها الحب وعصف بالقلب
أيعشق الإنسان من لا يرى فقلت والدمع بعيني غزير
إن كان طرفي لايرى شخصها فإنها قد صورت في الضمير
لاسيما أوصاف المعين كوصف الزوجة لزوجها والمرأة لابنها والصديقة لأخيها
وقد نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصف المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها
فقال - صلى الله عليه وسلم - (لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها)
ألا فليتق الله النساء فلا يصفن بعولتهن ولا آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن لمن يجالسهن لأن من فتحت بالوصف الباب قتلت أختها بالحب والإعجاب {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: 93]"
المعد هنا ركز على أمر واحد من الكلام وهو وصف المرأة أو وصف الرجل من قبل الأخرين وهذه الوصف ليس حراما كله فوصف المرأة لمن يريد زواجها ووصف الرجل لمن تريد زواجه حلال وهناك أنواع أخرى من الكلام المحرم الذى يثير الحب والإعجاب مثل الخضوع بالقول وهو إلانة القول وفيه قال تعالى "يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض"
والباب الثالث وهو الغناء المفروض أنه جزء من السمع ولكنه خصه بباب وحده فقال :
"الباب الثالث: الغناء :
وقد قيل: الغناء يسعر القلوب ويستفز العقول ويستخف الحليم ويبعث على اللهو ويحض على الطرب
وقد قيل:
أذلني الهوى فأنا الذليل وليس إلى الذي أهوى سبيل
وقال الكندي: من سمع الغناء طرب ومن طرب سمح ومن سمح افتقر ومن افتقر اغتم ومن اغتم مرض ومن مرض مات
وقيل لرجل من سمع الغناء على حقيقته مات فقال اللهم لا تسمعنا إياه فنموت
والغناء داعية للفحشاء
قال الحطيئة الغناء داعية الزنا
وما ذهب بعقول النساء شيء مثل الغناء
قال الخليفة سليمان بن عبد الملك إن الفرس يصهل فتستدق له الحجر , وإن الفحل يخطر فتصبع له الناقة وإن التيس ينب فتستحرم له العنز , وإن الرجل يغني فتشبق له المرأة
وقال الشاعر:
وغادة سمعت صوتي فأرقها من آخر الليل لما ملها السهر
لم يحجب الصوت أحراس ولاغلق فدمعها بأعالي الخد ينحدر
لو خليت لمشت نحوي على قدم تكاد من رقة للمشي تنفطر"
الغناء منه حلال وحرام فمن تغنى لزوجها أو يغنى زوجته غناه مباح حتى ولو غناءهما غناء من النوع الذى نسميه فاحش لأنه جزء من ضمن الجماع المباح طالما لا يسمعه أحد سواهما والحرام الغناء الداعى للحب القلبى أو الفاحش بين غير الأزواج والزوجات .
والملاحظ فى كلام المعد هو أنه ركز كلامه على النساء باعتبارهن أقل عقلا كما يظن ومن ثم أكثر انقيادا للحب والإعجاب والمفترض أن الأمرين يحدثان من الطرفين ومن ثم تلاحظ جمل مثل :
ومن فتحت لنظرها الباب أوردها الحب والإعجاب
ومن فتحت لنظرها الباب رأت الهلاك والعذاب
ومن فتحت للنظر الباب ذهب بعقلها الحب والإعجاب
وما رمت المرأة نفسها بمثل طرفها
ومن فتحت للنظر الباب دخل الحب والعذاب
ومن أطلقت النظرات دامت لها الحسرات
ومن فتحت باب الحب فإنما ترمي القلب
وما جنت المرأة على جسدها بمثل إطلاق بصرها فتعيش تهوى أشخاصا ولا ترى أبدانا
فمن فتحت للسمع الباب تمكن من قلبها الحب والإعجاب
ومن سمعت الغناء نزل بها البلاء وفتح لها الباب على الحب والإعجاب
ولا نجد شىء من ذلك قاله للرجال مع أن المسئولية واحدة كما قال هو :
"قلت : وهذا عام للرجال والنساء على حد سواء فقد أمر النساء في النور بما أمر به الذكور"
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى