نقد كتاب مشروعية الاستخارة وأنها ليست من الاستقسام بالأزلام
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب مشروعية الاستخارة وأنها ليست من الاستقسام بالأزلام
نقد كتاب مشروعية الاستخارة وأنها ليست من الاستقسام بالأزلام
البحث تأليف لطف الله الصافي الگلپايگاني وهو يدور الاستخارة والاستقسام وهو نقد لمقال كتبه محمود شلتوت أحد شيوخ الأزهر السابقين وفى هذا قال الصافى:
"قال الله تعالي (حرمت عليکم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أکل السبع إلا ما ذکيتم وما ذبح علي النصب وان تستقسموا بالأزلام)
قرأت في (رسالة الإسلام) التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة جزء في تفسير القرآن الکريم للأستاذ الشهير (الشيخ محمود شلتوت) ووقفت فيه علي ما کتب حول تفسير هذه الآية الکريمة وقوله تعالي (وان تستقسموا بالأزلام)، وما اختاره فيه وقد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحصي و ضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت و زعم أن کل ذلک ينافي احتفاظ الانسان بعقله، وان القرآن المجيد يصير بذلک- والعياذ بالله- أداة الشعوذة ولا يخفي عليک أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولا معني الاستقسام بالأزلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو ترکه، أو حکم الشرع برجحان فعله أو ترکه، ولا تنافي کرامة القرآن المجيد وكونه کتاب الهداية والإرشاد بالتي هي أقوم، کما أنه لا ينافي ذلک التبرک به وبآياته، وقراءته لأجل الثواب، و حصول بعض المقاصد کشفاء الأمراض مما هو مجرب ومأثور في الأحاديث الکثيرة المتواترة."
الرجل يرفض ما جاء فى بحث شلتوت عن حرمة الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة وهو يرجع هذا إلى تأثر شلتوت بالثقافة المادية فيقول:
"غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الأفهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينکر أثر التوکل والتفويض والدعاء والصدقة ولذا تري بعضهم ينکرون معجزات الأنبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، کقلب العصا بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، واحياء الموتي، وابراء الأکمه والأبرص، و نصرة النبي (ص) بالملائکة ومن لا ينکر ذلک منهم يؤوله، ويري الإيمان به ضربا من الإيمان بالخرافات، ويعد إنکاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلک في الکتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن- أعاذنا الله من شر هذه الثقافات-."
الصافى هنا يرجع ما قاله شلتوت إلى شيوع الثقافة المادية وهو كلام ألقاه على عواهنه دون تقديم أى دليل وهو يعيب على الرجل أنه يعيد الأمور إلى الأخذ بالأسباب مع أن الله هو من طالبنا بذلك فى أقوال عدة منها :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
وقوله :
" خذوا حذركم"
وقوله:
" قل انظروا ماذا فى السموات والأرض"
وقوله :
" ثم ارجع البصر كرتين"
ويكرر الرجل ان ما قاله شلتوت حول الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة فيقول عنها انها مظهر إيمانى فيقول:
"وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الإيمان بالله وطلب الخير أومعرفته منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفکير الإسلامي بشيء، فينکرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشرکين وعاداتهم، و تارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع."
وشرع الصافى فى نقل ما قاله شلتوت ورد عليه فقال:
"هذا ولزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، (وان تستقسموا بالأزلام)، نذکر کلام الشيخ المذکور، ثم نتکلم حول تفسيرها بحول الله وقوته
قول الشيخ محمود شلتوت في الاستخارة بالقرآن و حبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت وتعريضه بأنه يشبه من وسائل الاستقسام:
"قال الشيخ محمود شلتوت (ويلحق بهذا النوع الذي حرمه الله علي الإنسان احتفاظا بعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، و ضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، وصار شأنا معروفا حتي عند أهل العلم والدين، وما کان الله ليرضي أن يکون کتاب هدايته وارشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية والروحية والعملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أومضلل أو محتال).
بداية لم يقل شلتوت أن من يقومون بتلك الضروب من الخبل هم الشيعة كما أوهمنا الصافى بتكرار كلامه أن هذا عمل أهل البيت وإنما قال بالنص الذى نقله الصافى "جرت به عادة بعض المسلمين"ولأن شلتوت عاش ومات فى مصر الحالية فهو يتحدث فى الغالب عما يقوم به بعض الصوفية والغجر والدجالين فى مصر وهو أمر ما زال مستمرا فى بعض جهات مصر الحالية
ثم ذكر الصافى الأقوال فى تفسير الاستقسام بالأزلام فقال:
"أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:
القول الأول: أن المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير والشر
، وما قسم في مستقبل الحياة واستعلامها، من عند الأصنام. وعلل بعضهم حرمة ذلک علي تضمنه العقيدة بالأصنام، و رده بعضهم بأن ذلک لم يکن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما کان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. ويرد ذلک بأن هذا لا ينافي کون العلة تکريم الأصنام، فإن الظاهر أن الأصل في ذلک عندهم أن يکون عند الأصنام، وعند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، کما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمکن أن يکون لحرمته علل اخري.
وكيف کان، قال في لسان العرب (قال الأزهري): الاستقسام مذکور في موضعه، والأزلام کانت لقريش في الجاهلية مکتوب عليها أمر و نهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الکعبة، يقوم بها سدنة البيت فإذا أراد رجل سفرا أو نکاحا، أتي السادن، فقال: اخرج لي زلما. فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر، مضي علي ما عزم عليه، وان خرج قدح النهي، قعد عما أراده، و ربما کان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما).
وقال أبو البقاء في تفسيره (کانت سبعة عند سادن الکعبة، عليها أعلام، کانوا يحکمونها فإن أمرتهم ائتمروا، وان نهتهم انتهوا).
و روي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: کانت هبل أعظم أصنام قريش بمکة، وكانت في بئر في جوف الکعبة، وكانت تلک البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للکعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، کل قدح منها فيه کتاب- إلي أن قال: - کانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينکحوا منکحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشکوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلي هبل بمائة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به کذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا کما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فکأنهم يحکمونها أو يحکمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذکر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما کانوا فعلوه في المطاعم، وذلک أن الذبح علي النصب إنما کان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام کانوا يوقعونه عند البيت إذا کانوا هناک.
وقال بعضهم: وانما حرم ذلک لأنهم کانوا يحملون تلک الأزلام عند الأصنام وهذا القول هو اختيار جمهور کما نقل الرازي في تفسيره.
إلا أن سياق الآية يأبي عن ذلک، فإن الله تعالي قال في أول السورة (أحلت لکم بهيمة الأنعام) ثم ذکر استثناء أشياء بقوله تعالي (إلا ما يتلي عليکم). وفي هذه الآية الکريمة ذکر تلک الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي (أحلت لکم بهيمة الأنعام) مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، و ذکره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول و توجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي و غيره و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه وقال: إنه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. والي هذا يرجع ما حکي عن مجاهد من أنه کعاب فارس والروم التي کانوا يتقامرون بها، وما حکي عن أبي سفيان بن وکيع من أنه هو الشطرنج
وهذا القول إن کان راجعا إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة عليهم السلام، وإن کان المراد منه الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، کما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت
الذين جعلهم النبي (ص) عدلا للقرآن، وقال (إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض).
وهذا القول کما في (مجمع البيان) وغيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق و هو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، وكانوا يعمدون إلي الجزور فيجزءونه أجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلي رجل، و ثمن الجزور علي من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالي).
و ذکر هذا القول، أبوالسعود في تفسيره إلا أنه ترک التنويه بذکر قائله ، فقال:
وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعهودة. و ذکره البيضاوي والسيوطي و غيرهما وقال الآلوسي في (روح المعاني): وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أوما قسم الله تعالي منه، وهذا هوالميسر وقد تقدم ذلک وروي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي الله تعالي عنهم، ورجح بأنه يناسب ذکره مع محرمات الطعام انتهي کلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات.
ومن هذا القول يعرف المنصف أن الأمة لو تمسکوا بالکتاب والعترة، واخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدي أهل البيت أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم و تفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله (ص) لم يأمر الامة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالي أمره بذلک.
وقد فسر الزمان سر ذلک، فصدر منهم في المعارف الإسلامية والعلوم الحقيقية من التوحيد والتفسير والفقه والحديث والأخلاق والآداب و شرح معالم الإنسانية، ما لم يصدر عن أحد بعد رسول الله (ص)، قد اعترف بذلک الموافق والمخالف"
ما نقله الصافى هنا من تفسيرات هو عينه ما قاله شلتوت فى تفسيره حيث قال :
"والأزلام قطع من الخشب تشبه السهام والاستقسام هو طلب معرفة مستقبل الحياة عن طريق هذه القطع الخشبية وذلك أنهم إذا أرادوا سفرا أو غزوا أو زواجا أو بيعا وترددوا فيما يريدون أخير هو فيقدمون عليه أم شر هم فيحجمون عنه عمدوا إلى هذه الأزلام فأجالوها فى الأقداح ......" ص228 وص229تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت
والرجل لم يتعرض للشيعة فى تفسير الآيات وكما قلنا ما ذكره عن بعض المسلمين يشير بذلك إلى ما يجرى فى فرق موجودة فى مصر هم بعض الصوفية والغجر والدجالين
واستمر فى البحث قائلا:
"ثم إن من جميع ذلک يظهر أن لا وجه لإلحاق الاستخارة بالقرآن المجيد وبحبات السبحة، بالاستقسام بالأزلام لوجود الفرق بين الاستقسام بالأزلام وبين الاستخارة فإن حقيقة الاستقسام علي القول الأول الذي ظهر لک ضعفه، يرجع إلي الشرک، واستعلام ما يکون في المستقبل، وطلب معرفة الخير والشر من الأصنام. والاستخارة حقيقتها، الدعاء، وطلب الحاجة، ومعرفة الخير من الله تعالي علام الغيوب.
والفرق بينهما، هو الفرق بين الشرک والتوحيد، مع أنه ليس في الاستخارة طلب معرفة ما يقع في مستقبل الحياة مثل الموت والمرض ووجدان الضالة وغيرها مما يکون مآله طلب معرفة الغيوب.
وانما يستفاد منها إذا کان مؤداها الخير، أن الأمر کيف وقع، ووقع أم لم يقع، يکون فيه الخير، وان ما يقع هو اصلح الأمرين أو الامور ومثل هذا إنما يؤثر في الإقدام علي الفعل أو ترکه، ولهذا ورد النهي عن التفؤل بالقرآن دون الاستخارة به. فإن التفاؤل إنما يکون فيما سيقع کشفاء المريض وقدوم المسافر وغيرهما، بخلاف الاستخارة، فإنها طلب لمعرفة الرشد وما فيه الخيرة فعلي هذا الاستخارة بالقرآن الکريم وبالسبحة، ليست مخالفة للکتاب، ولا مانعا من هدايته وارشاده للتي هي أقوم، ولو قلنا بالقول الأول في تفسير الاستقسام. واما بحسب القول الثاني والثالث، فلا ارتباط بين الاستقسام والاستخارة أصلا، ولا وجه لإلحاقها به"
نص ما قاله شلتوت فى تفسيره هو :
"ويلحق بهذا النوع الذى حرمه الله على الإنسان احتفاظا بعقله ما يشبهه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، وضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين"
الرجل هنا لم يقل أن الاستقسام هو الاستخارة وإنما قال ما يشبهه والتشابه يكون فى بعض دون بعض لأنه لو كان تشابها تاما لكان هو نفسه
وقبل المضى فى بقية البحث أقول الاستقسام بالأزلام هو أى قسمة ظالمة نتيجة لعبة ما يختار فيها المقتسمين كل واحد شىء ما فبعضهم يدفع مالا سواء نقدا أو عينا وبعضهم يأخذ مالا دون وجه حق أى بألفاظ أخرى جماعة يخسرون مالهم وجماعة يكسبون مال الخاسرين
ومن ثم لا علاقة له بالغيب ثم قال :
"وبعد ذلک، فلا بأس بذکر بعض ما ورد في الاستخارة من الأحاديث فنقول: دلت الروايات من طرق العامة علي استحباب الاستخارة ومطلوبيتها:
فمنها: ما أخرجه أحمد والبخاري و غيرهما من أرباب السنن والمسانيد عن جابر بن عبد الله، قال: کان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الامور کلها کالسورة من القرآن، يقول (إذا هم أحدکم بالأمر فليرکع رکعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرک بعلمک، واستقدرک بقدرتک) الحديث.ومنها: ما أخرجه أحمد في مسنده، ج 1 ص 168، قال رسول الله (ص): (من سعادة ابن آدم، استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم، رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم، ترکه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم، سخطه بما قضي الله عز و جل).
وعن انس بن مالک، لما توفي رسول الله (ص)، قال: کان رجل ملحد (يلحد)، واخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق ترکناه فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له.
و هذا الحديث يدل علي أن الاستخارة بالسبحة جائزة، لا إشکال في جوازها.
واما الأخبار من طرقنا، فأکثر من أن تحصي:
فمنها: ما رواه ثقة الإسلام في (الکافي) بسند صحيح، قال: قال أبوعبد الله (صل رکعتين، واستخر الله. فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار له البتة).
ومنها: ما روي عن البرقي في (المحاسن) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال (قال الله عز و جل: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال، فلا يستخيرني).
ومنها: ما روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله قال: قلت له: ربما أردت الأمر، تفرق مني فريقان، أحدهما يأمرني، والآخر ينهاني. قال: فقال (إذا کنت کذلک، فصل رکعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة، ثم انظر أجزم الأمرين لک، فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء الله).
وفي رواية عن أبي الحسن (ثم انظر أي شيء يقع في قلبک، فاعمل به)
وفي رواية اليسع القمي عن أبي عبد الله (انظر إذا قمت إلي الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يکون من الإنسان إذا قام إلي الصلاة، أي شيء يقع في قلبک، فخذ به، وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي).
وربما يستخار لرفع التحير و طلب تعرف ما فيه الخيرة بالسبحة، و هي أيضا مروية في طرقنا عن الصادق ، وكذا بالرقاع، و هي أيضا مروية عن أبي عبد الله.
بحث حول الاستسقام (مشروعية الاستخارة)، ص: 8
ومنها: ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام (إذا أراد أحدکم شيئا، فليصل رکعتين، ثم ليحمد الله وليثن عليه، ويصلي علي محمد واهل بيته، ويقول: اللهم إن کان هذا الأمر خيرا لي في ديني و دنياي، فيسره لي واقدره، وان کان غير ذلک، فاصرفه عني)، الحديث.
ومنها: ما روي في (الکافي) عن أبي جعفر قال (کان علي بن الحسين إذا هم بأمر حج وعمرة أوبيع أو شراء أوعتق، تطهر، ثم صلي رکعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة الرحمن والحشر، والمعوذتين وقل هوالله أحد إذا فرغ و هو جالس في دبر الرکعتين، ثم يقول: اللهم إن کان کذا وكذا خيرا لي في ديني و دنياي وعاجل أمري واجله، فصل علي محمد واله ويسره لي علي أحسن الوجوه واجملها، اللهم وان کان کذا وكذا شرا لي في ديني و دنياي واخرتي وعاجل أمري واجله، فصل علي محمد واله واصرفه عني).
ومنها: ما روي عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد الله عن الاستخارة. فقال:
(استخر الله في آخر رکعة من صلاة الليل، وانت ساجد، مائة مرة ومرة)، قال: کيف أقول؟ قال (تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله برحمته).
وغيرها مما هو مذکور في جوامع الحديث."
ذكر الرجل روايات السنة والسبعة وليس فيها رواية واحدة تقول الاستخارة بالقرآن عدا رواية وهى رواية اليسع القمى عن أبى عبد الله وفيها يقول " وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي"
وهى رواية لو أخذ الإنسان بها فإنه سيكفر لأنه نظر قد يقع على أمر مثل هيت لك أو اكفر أو اقتلوا يوسف أو ذرونى أقتل موسى أو استحيوا نساءهم أو غير ذلك من أقوال الكفار هل سيأخذ المسلم بتلك الأقوال التى معظمها محرم؟
أو مثلا يريد تسمية ابنه أو ابنته قد يقع نظره أول ما يقع على كلمة نار أو سقر أو جهنم أو إبليس أو الشيطان فهل سيسمى بهم الأولاد ؟
قطعا لا ومن ثم فكلام شلتوت صحيح عن حرمة ذلك العمل
وحكايى الأخذ بالسبحة وهو السبق من الرواية التالية" وعن انس بن مالک، لما توفي رسول الله (ص)، قال: کان رجل ملحد (يلحد)، واخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق ترکناه فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له"
هو ضرب من الجنون للتالى :
أولا ليس هذا قول من النبى(ص) أو فعل منه حتى يمكن الأخذ به عند الفريقين؟
ثانيا لو اعتبرنا السبق حكم فهو حكم ظالم لأن القوم عندما استبقوا كما زعموا حدثت مصيبة كاذبة أكل الذئب ليوسف(ص) ومثلا لو تسابق الناس إلى الاستحواذ على الأراضى فسيكون هذا ضرب من الجنون الذى يعنى توزيع الثروة بالظلم حيث أن المعاقين لن يصيبوا شىء منها ومثلا من ذهب لخطبة امرأة أولا ستكون من نصيبه ولو رفضت زواجه لأنه السابق إلى الخطبة
ثم قال :
"ولا يخفي عليک أنه يستفاد من مجموع هذه الأحاديث أن الاستخارة نوعان:
النوع الأول: مجرد طلب الخير بالدعاء، کما دلت عليه رواية محمد بن خالد.
النوع الثاني: طلب تعرف ما فيه الخير من الله تعالي، أو طلب العزم علي ما فيه الخيرة، کما دل عليه خبر اليسع القمي واحاديث الاستخارة بالرقاع وبالقرآن المجيد وبالسبحة و حديث إسحاق بن عمار. ومحل هذا النوع، تحير المستخير في أمرين مباحين، أومستحبين، بل ومکروهين إذا لم يکن طريق لمعرفة رجحان أحدهما علي الآخر، لا من الشرع ولا من العقل، ولا من أحد يشاوره.
فإذا صار حاله کذلک، ولم يأت منه الجزم علي أحد الطرفين، يستخير الله تعالي لرفع تحيره و تحصيل الجزم علي أحد الطرفين، ويعمل علي مؤدي استخارته، ويبني علي أن ذلک هوالأرجح، کما أنه يصير أرجح أيضا من جهة أداء استخارته إليه وكونه عملا بما خار الله تعالي له."
الاستخارة هى دعاء وليست صلاة لأن الصلوات معروفة محددة من زاد عنها فقد ابتدع ولم تذكر بهذا الاسم فى القرآن ومن يلجأ لها فى الأمور الاختيارية كاختيار زوج أو زوج أوعمل ما او تسمية ابن او ابنة أو غير هذا او غير هذا من الأمور المباحة فله ذلك ولكن هذاا الدعاء لا يعنى عن التفكير لأن الله قد لا يظهر للداعى أى علامة تدل على اختيار ما بل إن بعض العلامات كالأحلام قد تكون معكوسة فهى تقول بزواج فلانة ومع هذا يتزوج عيرها وأحيانا يظهر لها فى الخلم زواج امراة متزوجة ومن ثم فالتفكير فى هذه الأمور الاختيارية هو الحل ومع التفكير وحتى الدعاء قد لا يكونان حلا فمثلا تفكر فى زواج فلانة وتستخير وتتخذ القرار وتفاجىء عند الذهاب لخطبتها انها خطبت لغيرك ومن ثم على المسلم أن يعرف أن الزواج واختيار الأسماء والوظائف وغيرها من الخيارات هى أمور لا تعتمد على جهده وفكره وحده رغم أن مثلا القانون الوضعى قد يجعل طريق المتفوق دراسيا واضح وهو التعيين كمعيد فى الجامعة لأنه كان الأول على القسم أو على الكلية ويفاجىء المتفوق أن الظلمة من أساتذة الجامعة قد تركوه وعينوا قريبا لهم رغم أنه لم يحصل على أى ترتيب فى الأوائل المفروض تعيينهم وحتى فى دولة العدل من باب الآيثار يخص المسلم أخاه بوظيفته التى يتمناها ويمسك وظيفة أخرى حبا له أو تضطر ظروف كثرة اقبال شباب المسلمين على كليات أو أقسام معينة أن تطلب إدارة الكليات من الطلاب أن يغير بعض أقسامهم برضاهم أولا فإن وافق النسب الوظيفية المطلوبة فبها وحسنت وإلا اضطرت الإدارة إلى عمل امتحان لكل من تقدم للأقسام المقبل عليها حتى تستبعد العدد الزائد الذى عليه أن يختار أقسام أخرى تحتاج دولة المسلمين إلى موظفين فيها
البحث تأليف لطف الله الصافي الگلپايگاني وهو يدور الاستخارة والاستقسام وهو نقد لمقال كتبه محمود شلتوت أحد شيوخ الأزهر السابقين وفى هذا قال الصافى:
"قال الله تعالي (حرمت عليکم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أکل السبع إلا ما ذکيتم وما ذبح علي النصب وان تستقسموا بالأزلام)
قرأت في (رسالة الإسلام) التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة جزء في تفسير القرآن الکريم للأستاذ الشهير (الشيخ محمود شلتوت) ووقفت فيه علي ما کتب حول تفسير هذه الآية الکريمة وقوله تعالي (وان تستقسموا بالأزلام)، وما اختاره فيه وقد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحصي و ضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت و زعم أن کل ذلک ينافي احتفاظ الانسان بعقله، وان القرآن المجيد يصير بذلک- والعياذ بالله- أداة الشعوذة ولا يخفي عليک أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولا معني الاستقسام بالأزلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو ترکه، أو حکم الشرع برجحان فعله أو ترکه، ولا تنافي کرامة القرآن المجيد وكونه کتاب الهداية والإرشاد بالتي هي أقوم، کما أنه لا ينافي ذلک التبرک به وبآياته، وقراءته لأجل الثواب، و حصول بعض المقاصد کشفاء الأمراض مما هو مجرب ومأثور في الأحاديث الکثيرة المتواترة."
الرجل يرفض ما جاء فى بحث شلتوت عن حرمة الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة وهو يرجع هذا إلى تأثر شلتوت بالثقافة المادية فيقول:
"غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الأفهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينکر أثر التوکل والتفويض والدعاء والصدقة ولذا تري بعضهم ينکرون معجزات الأنبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، کقلب العصا بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، واحياء الموتي، وابراء الأکمه والأبرص، و نصرة النبي (ص) بالملائکة ومن لا ينکر ذلک منهم يؤوله، ويري الإيمان به ضربا من الإيمان بالخرافات، ويعد إنکاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلک في الکتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن- أعاذنا الله من شر هذه الثقافات-."
الصافى هنا يرجع ما قاله شلتوت إلى شيوع الثقافة المادية وهو كلام ألقاه على عواهنه دون تقديم أى دليل وهو يعيب على الرجل أنه يعيد الأمور إلى الأخذ بالأسباب مع أن الله هو من طالبنا بذلك فى أقوال عدة منها :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
وقوله :
" خذوا حذركم"
وقوله:
" قل انظروا ماذا فى السموات والأرض"
وقوله :
" ثم ارجع البصر كرتين"
ويكرر الرجل ان ما قاله شلتوت حول الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة فيقول عنها انها مظهر إيمانى فيقول:
"وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الإيمان بالله وطلب الخير أومعرفته منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفکير الإسلامي بشيء، فينکرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشرکين وعاداتهم، و تارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع."
وشرع الصافى فى نقل ما قاله شلتوت ورد عليه فقال:
"هذا ولزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، (وان تستقسموا بالأزلام)، نذکر کلام الشيخ المذکور، ثم نتکلم حول تفسيرها بحول الله وقوته
قول الشيخ محمود شلتوت في الاستخارة بالقرآن و حبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت وتعريضه بأنه يشبه من وسائل الاستقسام:
"قال الشيخ محمود شلتوت (ويلحق بهذا النوع الذي حرمه الله علي الإنسان احتفاظا بعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، و ضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، وصار شأنا معروفا حتي عند أهل العلم والدين، وما کان الله ليرضي أن يکون کتاب هدايته وارشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية والروحية والعملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أومضلل أو محتال).
بداية لم يقل شلتوت أن من يقومون بتلك الضروب من الخبل هم الشيعة كما أوهمنا الصافى بتكرار كلامه أن هذا عمل أهل البيت وإنما قال بالنص الذى نقله الصافى "جرت به عادة بعض المسلمين"ولأن شلتوت عاش ومات فى مصر الحالية فهو يتحدث فى الغالب عما يقوم به بعض الصوفية والغجر والدجالين فى مصر وهو أمر ما زال مستمرا فى بعض جهات مصر الحالية
ثم ذكر الصافى الأقوال فى تفسير الاستقسام بالأزلام فقال:
"أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:
القول الأول: أن المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير والشر
، وما قسم في مستقبل الحياة واستعلامها، من عند الأصنام. وعلل بعضهم حرمة ذلک علي تضمنه العقيدة بالأصنام، و رده بعضهم بأن ذلک لم يکن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما کان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. ويرد ذلک بأن هذا لا ينافي کون العلة تکريم الأصنام، فإن الظاهر أن الأصل في ذلک عندهم أن يکون عند الأصنام، وعند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، کما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمکن أن يکون لحرمته علل اخري.
وكيف کان، قال في لسان العرب (قال الأزهري): الاستقسام مذکور في موضعه، والأزلام کانت لقريش في الجاهلية مکتوب عليها أمر و نهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الکعبة، يقوم بها سدنة البيت فإذا أراد رجل سفرا أو نکاحا، أتي السادن، فقال: اخرج لي زلما. فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر، مضي علي ما عزم عليه، وان خرج قدح النهي، قعد عما أراده، و ربما کان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما).
وقال أبو البقاء في تفسيره (کانت سبعة عند سادن الکعبة، عليها أعلام، کانوا يحکمونها فإن أمرتهم ائتمروا، وان نهتهم انتهوا).
و روي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: کانت هبل أعظم أصنام قريش بمکة، وكانت في بئر في جوف الکعبة، وكانت تلک البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للکعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، کل قدح منها فيه کتاب- إلي أن قال: - کانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينکحوا منکحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشکوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلي هبل بمائة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به کذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا کما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فکأنهم يحکمونها أو يحکمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذکر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما کانوا فعلوه في المطاعم، وذلک أن الذبح علي النصب إنما کان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام کانوا يوقعونه عند البيت إذا کانوا هناک.
وقال بعضهم: وانما حرم ذلک لأنهم کانوا يحملون تلک الأزلام عند الأصنام وهذا القول هو اختيار جمهور کما نقل الرازي في تفسيره.
إلا أن سياق الآية يأبي عن ذلک، فإن الله تعالي قال في أول السورة (أحلت لکم بهيمة الأنعام) ثم ذکر استثناء أشياء بقوله تعالي (إلا ما يتلي عليکم). وفي هذه الآية الکريمة ذکر تلک الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي (أحلت لکم بهيمة الأنعام) مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، و ذکره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول و توجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي و غيره و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه وقال: إنه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. والي هذا يرجع ما حکي عن مجاهد من أنه کعاب فارس والروم التي کانوا يتقامرون بها، وما حکي عن أبي سفيان بن وکيع من أنه هو الشطرنج
وهذا القول إن کان راجعا إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة عليهم السلام، وإن کان المراد منه الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، کما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت
الذين جعلهم النبي (ص) عدلا للقرآن، وقال (إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض).
وهذا القول کما في (مجمع البيان) وغيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق و هو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، وكانوا يعمدون إلي الجزور فيجزءونه أجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلي رجل، و ثمن الجزور علي من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالي).
و ذکر هذا القول، أبوالسعود في تفسيره إلا أنه ترک التنويه بذکر قائله ، فقال:
وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعهودة. و ذکره البيضاوي والسيوطي و غيرهما وقال الآلوسي في (روح المعاني): وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أوما قسم الله تعالي منه، وهذا هوالميسر وقد تقدم ذلک وروي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي الله تعالي عنهم، ورجح بأنه يناسب ذکره مع محرمات الطعام انتهي کلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات.
ومن هذا القول يعرف المنصف أن الأمة لو تمسکوا بالکتاب والعترة، واخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدي أهل البيت أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم و تفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله (ص) لم يأمر الامة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالي أمره بذلک.
وقد فسر الزمان سر ذلک، فصدر منهم في المعارف الإسلامية والعلوم الحقيقية من التوحيد والتفسير والفقه والحديث والأخلاق والآداب و شرح معالم الإنسانية، ما لم يصدر عن أحد بعد رسول الله (ص)، قد اعترف بذلک الموافق والمخالف"
ما نقله الصافى هنا من تفسيرات هو عينه ما قاله شلتوت فى تفسيره حيث قال :
"والأزلام قطع من الخشب تشبه السهام والاستقسام هو طلب معرفة مستقبل الحياة عن طريق هذه القطع الخشبية وذلك أنهم إذا أرادوا سفرا أو غزوا أو زواجا أو بيعا وترددوا فيما يريدون أخير هو فيقدمون عليه أم شر هم فيحجمون عنه عمدوا إلى هذه الأزلام فأجالوها فى الأقداح ......" ص228 وص229تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت
والرجل لم يتعرض للشيعة فى تفسير الآيات وكما قلنا ما ذكره عن بعض المسلمين يشير بذلك إلى ما يجرى فى فرق موجودة فى مصر هم بعض الصوفية والغجر والدجالين
واستمر فى البحث قائلا:
"ثم إن من جميع ذلک يظهر أن لا وجه لإلحاق الاستخارة بالقرآن المجيد وبحبات السبحة، بالاستقسام بالأزلام لوجود الفرق بين الاستقسام بالأزلام وبين الاستخارة فإن حقيقة الاستقسام علي القول الأول الذي ظهر لک ضعفه، يرجع إلي الشرک، واستعلام ما يکون في المستقبل، وطلب معرفة الخير والشر من الأصنام. والاستخارة حقيقتها، الدعاء، وطلب الحاجة، ومعرفة الخير من الله تعالي علام الغيوب.
والفرق بينهما، هو الفرق بين الشرک والتوحيد، مع أنه ليس في الاستخارة طلب معرفة ما يقع في مستقبل الحياة مثل الموت والمرض ووجدان الضالة وغيرها مما يکون مآله طلب معرفة الغيوب.
وانما يستفاد منها إذا کان مؤداها الخير، أن الأمر کيف وقع، ووقع أم لم يقع، يکون فيه الخير، وان ما يقع هو اصلح الأمرين أو الامور ومثل هذا إنما يؤثر في الإقدام علي الفعل أو ترکه، ولهذا ورد النهي عن التفؤل بالقرآن دون الاستخارة به. فإن التفاؤل إنما يکون فيما سيقع کشفاء المريض وقدوم المسافر وغيرهما، بخلاف الاستخارة، فإنها طلب لمعرفة الرشد وما فيه الخيرة فعلي هذا الاستخارة بالقرآن الکريم وبالسبحة، ليست مخالفة للکتاب، ولا مانعا من هدايته وارشاده للتي هي أقوم، ولو قلنا بالقول الأول في تفسير الاستقسام. واما بحسب القول الثاني والثالث، فلا ارتباط بين الاستقسام والاستخارة أصلا، ولا وجه لإلحاقها به"
نص ما قاله شلتوت فى تفسيره هو :
"ويلحق بهذا النوع الذى حرمه الله على الإنسان احتفاظا بعقله ما يشبهه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، وضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين"
الرجل هنا لم يقل أن الاستقسام هو الاستخارة وإنما قال ما يشبهه والتشابه يكون فى بعض دون بعض لأنه لو كان تشابها تاما لكان هو نفسه
وقبل المضى فى بقية البحث أقول الاستقسام بالأزلام هو أى قسمة ظالمة نتيجة لعبة ما يختار فيها المقتسمين كل واحد شىء ما فبعضهم يدفع مالا سواء نقدا أو عينا وبعضهم يأخذ مالا دون وجه حق أى بألفاظ أخرى جماعة يخسرون مالهم وجماعة يكسبون مال الخاسرين
ومن ثم لا علاقة له بالغيب ثم قال :
"وبعد ذلک، فلا بأس بذکر بعض ما ورد في الاستخارة من الأحاديث فنقول: دلت الروايات من طرق العامة علي استحباب الاستخارة ومطلوبيتها:
فمنها: ما أخرجه أحمد والبخاري و غيرهما من أرباب السنن والمسانيد عن جابر بن عبد الله، قال: کان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الامور کلها کالسورة من القرآن، يقول (إذا هم أحدکم بالأمر فليرکع رکعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرک بعلمک، واستقدرک بقدرتک) الحديث.ومنها: ما أخرجه أحمد في مسنده، ج 1 ص 168، قال رسول الله (ص): (من سعادة ابن آدم، استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم، رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم، ترکه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم، سخطه بما قضي الله عز و جل).
وعن انس بن مالک، لما توفي رسول الله (ص)، قال: کان رجل ملحد (يلحد)، واخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق ترکناه فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له.
و هذا الحديث يدل علي أن الاستخارة بالسبحة جائزة، لا إشکال في جوازها.
واما الأخبار من طرقنا، فأکثر من أن تحصي:
فمنها: ما رواه ثقة الإسلام في (الکافي) بسند صحيح، قال: قال أبوعبد الله (صل رکعتين، واستخر الله. فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار له البتة).
ومنها: ما روي عن البرقي في (المحاسن) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال (قال الله عز و جل: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال، فلا يستخيرني).
ومنها: ما روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله قال: قلت له: ربما أردت الأمر، تفرق مني فريقان، أحدهما يأمرني، والآخر ينهاني. قال: فقال (إذا کنت کذلک، فصل رکعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة، ثم انظر أجزم الأمرين لک، فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء الله).
وفي رواية عن أبي الحسن (ثم انظر أي شيء يقع في قلبک، فاعمل به)
وفي رواية اليسع القمي عن أبي عبد الله (انظر إذا قمت إلي الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يکون من الإنسان إذا قام إلي الصلاة، أي شيء يقع في قلبک، فخذ به، وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي).
وربما يستخار لرفع التحير و طلب تعرف ما فيه الخيرة بالسبحة، و هي أيضا مروية في طرقنا عن الصادق ، وكذا بالرقاع، و هي أيضا مروية عن أبي عبد الله.
بحث حول الاستسقام (مشروعية الاستخارة)، ص: 8
ومنها: ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام (إذا أراد أحدکم شيئا، فليصل رکعتين، ثم ليحمد الله وليثن عليه، ويصلي علي محمد واهل بيته، ويقول: اللهم إن کان هذا الأمر خيرا لي في ديني و دنياي، فيسره لي واقدره، وان کان غير ذلک، فاصرفه عني)، الحديث.
ومنها: ما روي في (الکافي) عن أبي جعفر قال (کان علي بن الحسين إذا هم بأمر حج وعمرة أوبيع أو شراء أوعتق، تطهر، ثم صلي رکعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة الرحمن والحشر، والمعوذتين وقل هوالله أحد إذا فرغ و هو جالس في دبر الرکعتين، ثم يقول: اللهم إن کان کذا وكذا خيرا لي في ديني و دنياي وعاجل أمري واجله، فصل علي محمد واله ويسره لي علي أحسن الوجوه واجملها، اللهم وان کان کذا وكذا شرا لي في ديني و دنياي واخرتي وعاجل أمري واجله، فصل علي محمد واله واصرفه عني).
ومنها: ما روي عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد الله عن الاستخارة. فقال:
(استخر الله في آخر رکعة من صلاة الليل، وانت ساجد، مائة مرة ومرة)، قال: کيف أقول؟ قال (تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله برحمته).
وغيرها مما هو مذکور في جوامع الحديث."
ذكر الرجل روايات السنة والسبعة وليس فيها رواية واحدة تقول الاستخارة بالقرآن عدا رواية وهى رواية اليسع القمى عن أبى عبد الله وفيها يقول " وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي"
وهى رواية لو أخذ الإنسان بها فإنه سيكفر لأنه نظر قد يقع على أمر مثل هيت لك أو اكفر أو اقتلوا يوسف أو ذرونى أقتل موسى أو استحيوا نساءهم أو غير ذلك من أقوال الكفار هل سيأخذ المسلم بتلك الأقوال التى معظمها محرم؟
أو مثلا يريد تسمية ابنه أو ابنته قد يقع نظره أول ما يقع على كلمة نار أو سقر أو جهنم أو إبليس أو الشيطان فهل سيسمى بهم الأولاد ؟
قطعا لا ومن ثم فكلام شلتوت صحيح عن حرمة ذلك العمل
وحكايى الأخذ بالسبحة وهو السبق من الرواية التالية" وعن انس بن مالک، لما توفي رسول الله (ص)، قال: کان رجل ملحد (يلحد)، واخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق ترکناه فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له"
هو ضرب من الجنون للتالى :
أولا ليس هذا قول من النبى(ص) أو فعل منه حتى يمكن الأخذ به عند الفريقين؟
ثانيا لو اعتبرنا السبق حكم فهو حكم ظالم لأن القوم عندما استبقوا كما زعموا حدثت مصيبة كاذبة أكل الذئب ليوسف(ص) ومثلا لو تسابق الناس إلى الاستحواذ على الأراضى فسيكون هذا ضرب من الجنون الذى يعنى توزيع الثروة بالظلم حيث أن المعاقين لن يصيبوا شىء منها ومثلا من ذهب لخطبة امرأة أولا ستكون من نصيبه ولو رفضت زواجه لأنه السابق إلى الخطبة
ثم قال :
"ولا يخفي عليک أنه يستفاد من مجموع هذه الأحاديث أن الاستخارة نوعان:
النوع الأول: مجرد طلب الخير بالدعاء، کما دلت عليه رواية محمد بن خالد.
النوع الثاني: طلب تعرف ما فيه الخير من الله تعالي، أو طلب العزم علي ما فيه الخيرة، کما دل عليه خبر اليسع القمي واحاديث الاستخارة بالرقاع وبالقرآن المجيد وبالسبحة و حديث إسحاق بن عمار. ومحل هذا النوع، تحير المستخير في أمرين مباحين، أومستحبين، بل ومکروهين إذا لم يکن طريق لمعرفة رجحان أحدهما علي الآخر، لا من الشرع ولا من العقل، ولا من أحد يشاوره.
فإذا صار حاله کذلک، ولم يأت منه الجزم علي أحد الطرفين، يستخير الله تعالي لرفع تحيره و تحصيل الجزم علي أحد الطرفين، ويعمل علي مؤدي استخارته، ويبني علي أن ذلک هوالأرجح، کما أنه يصير أرجح أيضا من جهة أداء استخارته إليه وكونه عملا بما خار الله تعالي له."
الاستخارة هى دعاء وليست صلاة لأن الصلوات معروفة محددة من زاد عنها فقد ابتدع ولم تذكر بهذا الاسم فى القرآن ومن يلجأ لها فى الأمور الاختيارية كاختيار زوج أو زوج أوعمل ما او تسمية ابن او ابنة أو غير هذا او غير هذا من الأمور المباحة فله ذلك ولكن هذاا الدعاء لا يعنى عن التفكير لأن الله قد لا يظهر للداعى أى علامة تدل على اختيار ما بل إن بعض العلامات كالأحلام قد تكون معكوسة فهى تقول بزواج فلانة ومع هذا يتزوج عيرها وأحيانا يظهر لها فى الخلم زواج امراة متزوجة ومن ثم فالتفكير فى هذه الأمور الاختيارية هو الحل ومع التفكير وحتى الدعاء قد لا يكونان حلا فمثلا تفكر فى زواج فلانة وتستخير وتتخذ القرار وتفاجىء عند الذهاب لخطبتها انها خطبت لغيرك ومن ثم على المسلم أن يعرف أن الزواج واختيار الأسماء والوظائف وغيرها من الخيارات هى أمور لا تعتمد على جهده وفكره وحده رغم أن مثلا القانون الوضعى قد يجعل طريق المتفوق دراسيا واضح وهو التعيين كمعيد فى الجامعة لأنه كان الأول على القسم أو على الكلية ويفاجىء المتفوق أن الظلمة من أساتذة الجامعة قد تركوه وعينوا قريبا لهم رغم أنه لم يحصل على أى ترتيب فى الأوائل المفروض تعيينهم وحتى فى دولة العدل من باب الآيثار يخص المسلم أخاه بوظيفته التى يتمناها ويمسك وظيفة أخرى حبا له أو تضطر ظروف كثرة اقبال شباب المسلمين على كليات أو أقسام معينة أن تطلب إدارة الكليات من الطلاب أن يغير بعض أقسامهم برضاهم أولا فإن وافق النسب الوظيفية المطلوبة فبها وحسنت وإلا اضطرت الإدارة إلى عمل امتحان لكل من تقدم للأقسام المقبل عليها حتى تستبعد العدد الزائد الذى عليه أن يختار أقسام أخرى تحتاج دولة المسلمين إلى موظفين فيها
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى