نقد كتاب الدلائل العالية أسئلة وأجوبة في طريقة السادة النقشبندية
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب الدلائل العالية أسئلة وأجوبة في طريقة السادة النقشبندية
نقد كتاب الدلائل العالية أسئلة وأجوبة في طريقة السادة النقشبندية
المؤلف محمد نجم الدين الكردى والكتاب عبارة عن بضع أسئلة فى الطريقة النقشبندية المنسوبة لمحمد بهاء الدين المعروف بشاه نقشبند (ت: 791هـ) وهذا الكتاب حواشيه خاصة التى كتبت فى المقدمة أكثر من حجم الكتاب وقد اختصرنا تلك المقدمة اختصارا واكتفينا منها بأولها والتى يتحدث فيها الكردى عن سبب تأليف للكتاب ومن أين استقى المعلومات وفى تلك المقدمة قال :
"المقدمة:
فهذه عجالة سريعة في بيان حقائق التصوف وطريقة السادة النقشبندية، قصدت بها التيسير والتوضيح، آملا قراءتها في إمعان وصدق، حتى يتمكن أبنائي من الطلاب والمريدين على سبيل التخصيص، وكذلك من شرفنا بقراءتها من القراء عموما، من الإلمام بما جاءت به مع قصر وقتهم وكثرة اشتغالهم من جانب، ومساسة حاجتهم إلى مثل هذه الإرشادات من جانب آخر، سائلا الله تعالى قبولها وأن ينفعنا جميعا بفوائدها، إنه على ما يشاء قدير وقد اتخذتها على شكل الأسئلة والأجوبة، لأنها كانت في الأصل تأتي استجابة لرغبة بعض من الأحباء من الطلاب الوافدين وإجابة لبعض التساؤلات التي طرحها بعض المريدين، متمنيا أن يوفقنا الله إلى أقوم طريق في هذا السعي، تحقيقا للغرض الذي يرمي إليه، وهو إيصال هذه المعارف إلى أصحاب الحاجة إليها بطريقة سهلة -مع الدخول في الدقائق عند اللزوم"
والكتاب ليس فى الطريقة النقشبندية وإنما فى أسئلة عامة عن التصوف والصوفية وفى التمهيد حدثنا عن مسائل كثيرة ولكنه لم يتناولها كلها فى الكتاب وفى التمهيد قال:
" (التصوف والصوفية)
تمهيد
يتكون هذا القسم من عدة مسائل التي يمكن وضع خطوطها الكبرى على النحو الآتي: مصطلح التصوف: أصوله ومعانيه؛ مكانة التصوف في الإسلام؛ أهمية التصوف وفوائد اتباع الطريقة في هذا العصر؛ واتهام البعض للصوفية بالغلو في مشايخهم؛ وتعدد الطرق الصوفية وكيف يتعامل المريد مع هذه الظاهرة؛ البيعة على يد شيخ كامل: مشروعيتها وأوصاف الشيخ الكامل؛ وتحليل ظاهرة الشطح عند الصوفية وخاصة عند الشيخ أبي يزيد البسطامي ومواجيد الصحابة. كما يتناول هذا القسم ثلاثة مسائل لها أهميتها في هذا العصر، وهي: أصول الخلاف بين الصوفية والوهابية، والمسائل التي خالفت فيها الوهابية سائر المسلمين، والفروق الكبيرة بين التصوف والتشيع هذا وقد حان الآن وقت الشروع في صلب مسائل هذا القسم، وأولاها:
س: ما التصوف؟
ج: لقد نزع أكابر الصوفية إلى إيراد تعريفات اصطلاحية عديدة للتصوف، كما أوردوا أصولا عدة لهذا التعريفات فقالوا مثلا إن كلمتي "التصوف" و"الصوفي" مشتقتان من أصل ما؛ ومنهم من منعوا ذلك معتمدا على أنهما علم لا ينطبق مضمونه إلا على مفهومه أما الفريق الأول، الذين جنحوا إلى القول بالاشتقاق، فقد اختلفوا مرة أخرى فيما بينهم، فقالوا مثلا إن الكلمتان مشتقتان من أصل لغوي عربي وهو "الصوف" أو "صوفة" أو "صوفنة" أو "من أهل الصفة" الذين عاصروا عصر النبوة، أو من "الصف الأول" في الصلاة" أو من أصل يوناني "سوفيا" أي الحكمة، والملاحظ أن بين كلمة التصوف أو الصوفي وبين تلك الأصول المفترضة مناسبة ما هذا أولا وثانيا، فقد روي عن أكابر الصوفية معان اصطلاحية عديدة للتصوف لا تكاد تحصى. والظاهر أنهم تعرضوا إلى هذه التعريفات في معرض التعليق على ظاهرة معينة أو جوابا لسؤال تقدم به سائل فقال الإمام الجنيد أبو القاسم البغدادي -مثلا- أن التصوف هو التخلق بأخلاق الله، وقال الآخر، وهو الخواجه عبيد الله السمرقندي الأحرار ، إن التصوف هو صرف الوقت لما هو أولى به، وذهب المحققون من أكابر السادة الصوفية أن كلمة "التصوف" مشتقة من الصفاء الذي هو السبب والوسيلة والغاية من التصوف نفسه، فاصطفاء الله للمريد سبب هدايته، واستصفاء المريد لقلبه وسيلة لوصوله، وصفاء نفسه وروحه، عندما انتقل بطبيعته من طباع البشرية وارتفع بمهجته مع الملائكة العلوية، فهي الغاية التي يرمي إليها ومن أجلها سمي المريد "صوفيا"، كما أطلق على المتشبهين بأهل الحقيقة بأنهم "متصوفة""
فى المسألة السابقة انتهى الكردى إلى اختلاف القوم فى أصل كلمة التصوف أو الصوفية وأنهم لم يصلوا لأصلها اللغوى وخلص الكردى إلى أن التعريف هو المفهوم الاصطلاحى ومع هذا لا يكاد يوجد اتفاق على تعريف التصوف حتى بين أهله وذكر لنا بعض التعاريف مثل:
التخلق بأخلاق الله وهو تعريف ساقط يعارض الشرع فمن أخلاق المسلم الزواج والإنجاب وهذا ليس من أخلاق الله لقوله تعالى :
"لم يلد ولم يولد"
وقوله :
" ما كان له صاحبة ولا ولدا"
ومن أخلاق المسلم مثلا تحمل الظلم ورده بالحسنى والله لا يظلمه أحد
ونقل تعريف مثل الصفاء الذي هو السبب والوسيلة والغاية من التصوف نفسه والمسلم لا يمكن أن يكون صافى النفس فى كل الأحوال لأنه يصيبه الغم والحزن كما قال تعالى:
"فأثابكم غما بغم"
وقال ناهيا النبى(ص) عن الحزن:
"ولا تحزن عليهم"
وانتقل الكردى للنقل عن النقشبندية فخلص إلى أنهم يقولون بأخذه من الصفاء فقال :
"قال مولانا الكردي ناقلا عن سهل بن عبد الله التستري كما سيأتي: (هو) مأخوذ من الصفاء، والصوفي من صفا قلبه من الكدر، وامتلأ من العبر، واستوى عنده الذهب والمدر ، وقال سيدي عبد الغني النابلسي ذلك العالم النقشبندي الشاعر:
يا واصفي أنت في التحقيق موصوفي=وعارفي لا تغالط أنت معروفي
إن الفتى من بعهده في الأزل يوفي=صافى فصوفي لهذا سمي الصوفي
فالمتصوف من صافى نفسه فصوفي من بعد ذلك بتوفيق الله ورحمته، فله الحمد والمنة. "
والمسألة كما قال الكردى ليست أصل التصوف فى اشتقاقه من كلمات اللغة وكرر الرجل النقل عن الغير فبعضهم يأخذه من الصوق الملبوس والبعض من الصفاء فقال :
"وقال صاحب التعرف : "وإن جعل مأخذه من الصوف استقام اللفظ وصحت العبارة من حيث اللغة وجميع المعاني كلها من التخلي عن الدنيا وعزوف النفس عنها وترك الأوطان ولزوم الأسفار ومنع النفوس حظوظها وصفاء المعاملات وصفوة الأسرار وانشراح الصدور وصفة السباق" وقال بندار بن الحسين: "الصوفي من اختاره الحق لنفسه فصافاه وعن نفسه برأه ولم يرده إلى تعمل وتكلف بدعوى، وصوفي على زنة عوفي أي عافاه الله فعوفي، وكوفي أي كافاه الله فكوفي، وجوزي أي جازاه الله، ففعل الله به ظاهر في اسمه والله المتفرد به". وقال أبو علي الروذباري : "وسئل عن الصوفي، فقال من لبس الصوف على الصفاء وأطعم الهوى ذوق الجفاء وكانت الدنيا منه على القفا وسلك منهاج المصطفى "، وسئل سهل بن عبد الله التستري من الصوفي؟ فقال: "من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، وانقطع إلى الله من البشر، واستوى عنده الذهب والمدر" .
وهنا، استوقفني كلام بعضهم ، إذ أنشد:
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه=ولا بكاؤك إن غنى المغنونا
ولا صياح ولا رقص ولا طرب=ولا اختباط كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف أن تصفو بلا كدر=وتتبع الحق والقرءان والدينا
وأن ترى خاشعا لله مكتئبا=على ذنوبك طول الدهر محزونا"
وكل هذا الكلام ليس له أصل فى كتاب الله فلا تصوف ولا صوفية لأنه لو وجدوا فيما بعد الإسلام فمعنى هذا ان الله لم يتم كتابه وأنه فرط فى بعضه وهو الصوفية وهو قد أكمل دينه فقال :
" اليوم أكملت لكم دينكم"
فلو كانت الصوفية شىء استحدث بعد نزول الوحى فمعناه الكفر لأن الله اختار الدين فقال :
" إن الدين عند الله الإسلام"
ومن ثم لا وجود للتصوف أو الصوفية فى الإسلام فإن أرادوا به الإسلام نفسه فهذا معنى صحيح وأما إن أرادوا كما هو الظاهر من الطرق المختلفة اختراعات لم ترد فى الوحى كالأحزاب والأوراد والكرامات ومجالس الذكر الكلامى والموالد واختراع صلوات وغير ذلك فهو كفر بالإسلام نفسه
وكان السؤال الثانى عن عدم تقبل الناس لفظة التصوف باعتبارها خروج على الإسلام وكان جوابه هو:
"س: لما لا يقبل بعض الناس لفظة التصوف ويعتبرونها خروجا على الدين؟
ج: لو سألنا أحدا، هل الإخلاص والتخلق بالأخلاق الحسنة ضروري أم لا؟ وهل حصول اليقين ضروري أم لا؟ وهل التزين بالخصائل الحسنة والإعراض عن الرذائل مثل الحسد والكفر والكبرياء والبغض والحقد وحب الدنيا وحب المكانة وما إلى ذلك من العادات الرذيلة وحصول الخلاص من النفس الأمارة، هل ضروري أم لا؟ مستحسن أم لا؟ ولو في درجة ما والخشوع والخضوع في الصلاة، والتضرع والابتهال في الدعاء، ومحاسبة النفس، وحب الله ورسوله، والصفاء في المعاملات، والصدق، والأمانة، والاهتمام بحقوق العباد، والقدرة على النفس الأمرة، وكظم الغيظ، هل كل هذا مطلوب أم لا؟
فالمسلم الذي لا يتعصب سيجيب بالاثبات، بل زيد عليه بأن هذه الأشياء مطلوبة أيضا وكتاب الله وسنة رسوله مليئان بها تأكيدا وترغيبا فعند إذ قلنا لهم: إن الطريق لنيل هذه الصفات والمقاصد هو الطريق الذي سماه الناس في القرون الأخيرة بالتصوف."
والرجل إما أن يكون قد فهم أم أنه لا يفهم فإذا كان التصوف غير الإسلام نفسه فهو خروج عليه وأما إن كان غيره بزيادة أو بنقص فهو اتهام مباشر لله بأنه فرط فى الوحى وهو لم يفرط كما قال :
"ما فرطنا فى الكتاب من شىء"
فإذا كان الوحى يحتوى على كل شىء كما قال تعالى:
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فالتصوف إما أن يكون هو وإما أن يكون جزء منه وإما أن يكون خروجا عليه فالتصوف لا يمكن أن يكون أعظم من الإسلام ولا أصحابه أعظم من بقية الناس فإنما هم بشر ممن خلق البله
وكان السؤال الثالث عن أسماء التصوف فأجاب فقال :
"س: هل للتصوف أسماء أخرى؟
ج: نعم، إن للتصوف أسماء عديدة معروف بها، ولكن أشهرها التصوف. فالتصوف في اصطلاح القرآن الكريم هو "التزكية"، وفي اصطلاح الحديث يسمى "الإحسان"، وعند بعض المتأخرين "فقه الباطن" وكلها منصوص عليها، ولكنه صار معروفا بكلمة التصوف، ومعروف أيضا أن لكل فن مصطلحاته، ولكن المهم أن المحققين مصرون دائما على المقاصد ولذلك كان مشهورا عن النقشبندية "إلهي، أنت مقصودي ورضاك مطلوبي"، وهو ما انتهت إليه الطرق الصوفية في مطلبهم ومقصدهم"
وهذه الإجابة تقول أن التصوف جزء من الإسلام ولكن بلفظ مغاير لما فى الوحى
ومع هذا الاعتراف فإن تفاصيل الكلام عند الصوفية هى فى الغالب على خلاف ما فى الإسلام فهى تعظم بشر هم شيوخ الطرق وتعطيهم حقوقا ليست لهم وتجعل لهم على المريدين واجبات ليست عليهم فى الإسلام ومن ثم لا يمكن أن يكون التصوف بما فيه من شيخ ومريد وذكر واختراع أوراد وأحزاب وصلوات جزء من الإسلام فالله لم يعط أحد حق تشريع شىء
وكان السؤال التالى عن مكانة التصوف في الإسلام والذى أجاب عنه فقال :
"س: وما مكانة التصوف في الإسلام؟
ج: وللتصوف مكانة سامية في هذا الدين الحنيف، لأنه عبارة عن التطبيق العملي لمقام الإحسان بالمقارنة إلى مقام الإيمان الذي هو العقيدة، ومقام الإسلام الذي هو الشريعة، وذلك حسب نص الحديث المشهور: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه جبريل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله، وتؤمن بالبعث، قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا النبي عليه الصلاة والسلام "إن الله عنده علم الساعة ... " الآية. ثم ادبر فقال ردوه فلم يروا شيئا، فقال: هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم" "
الحديث الذى اعتمد الكردى فى إجابته غير صحيح فتعريف الإيمان يخالف كتاب الله فليس فى تلك الرواية الكتب المنزلة وليس فيها الغيب وليس فيها اليوم الأخر كما قال تعالى :
قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم"
وقال:
"آمن الرسول بما أنزل عليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"
وقال:
"يؤمنون بالله واليوم الأخر"
كما أنه جعل الإسلام ناقصا فعرفه الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان أى بأربعة أو خمسة أشياء ومن ثم فلا وجود للحج أو الجهاد أو غير ذلك من أحكام الإسلام
وذكر السؤال عن الفرق بين التصوف وذكر الله فقال :
"س: يتساءل البعض عن كنه العلاقة بين التصوف وذكر الله، فما قولكم؟
ج: إذا كنا قد قلنا –لدى الحديث عن مكانة التصوف في الإسلام- أن التصوف هو التطبيق العملي لمقام الإحسان، بالمقارنة إلى مقام الإيمان الذي هو العقيدة، ومقام الإسلام الذي هو الشريعة، فإننا نقول إنه لما كان الذكر هو ما يجري على اللسان والقلب بأحب الكلام إلى الله من تسبيح وتنزيه وحمد وثناء عليه سبحانه وتعالى؛ فقد افترض الله ذكره – كما أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره عن قتادة – عند أشغل ما تكونون، عند الضراب بالسيوف – فقال عز وجل: (يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله ذكرا كثيرا لعلكم تفلحون) فكان لا ريب أن الذكر هو الوسيلة المؤكدة للوصول إلى مقام الإحسان رديفا للتصوف وملازما له لا يفترقان"
وذكر الله يختلف عن التصوف المزعوم فالذكر يطلق على عدة معانى فى الوحى فهو الوحى المفسر للقرآن كما فى قوله " والقرآن ذى الذكر" وهو طاعة أحكام الله كما فى قوله :
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
وهو ترديد آيات القرآن فالصلاة كما فى قوله :
" فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع "
ومن ثم لا يمكن أن يكون الاثنين متلازمين ولا بمعنى واحد وهو يقول لأن الذكر أساس من أسس التصوف وهو قوله:
"لذلك لا عجب أن يتفق أهل التصوف جميعهم على أن الذكر دعامة من دعامات التصوف في كل وقت، قياما وقعودا وعلى جنوبهم.
يقول الحكيم الترمذي: في ذكر الله تعالى خمس خصال: رضا الله تعالى، ورقة القلب، وزيادة الخير، وحرز من الشيطان، ومنع من ركوب المعاصي.
وللذكر ثلاثة مقامات: ذكر باللسان، وهو ذكر عامة الخلق، وذكر بالقلب وهو ذكر خواص المؤمنين، وذكر الروح، وهو لخاصة الخاصة، وهو ذكر العارفين بفنائهم عن ذكرهم، وشهودهم إلى ذاكرهم ومنته عليهم.
والذكر تختلف أنواعه وتتعدد صيغه، والمذكور واحد لا يتعدد ولا يتحدد، وأهل الذكر أحباب الحق من حيث اللوازم "
وقطعا هذا الكلام لا وجود له فى كتاب الله فلا وجود لخاصة الخاصة فهذا اختراع من اختراعات الكفر فالشرع قال :
"إنما المؤمنون اخوة"
ولم يقل أن بعضهم فوق بعض
ثم قال :
"وذكر الله دنوه من العبد، ودنوه على قدر مسير العبد إليه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن ربه عز وجل: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه" رواه الطبراني وابن حبان "
وكون الله مع العبد غير مرتبط بذكر الله لقوله :
" وهو معكم أينما كنتم"
فالله مع المسلمين والكفار فى أى حال بمعنى علمه بهم
ثم قال:
"وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا ولله فيها صدقة يمن بها على عباده، وما من على عبد مثل أن يلهمه ذكره" "
والحديث موضوع لأن اليوم والليل مكون من الساعات ومن ثم لا يستقيم ذكرهم وذكر الساعة وأما نعم الله ففى كل لحظة فيكفى التنفس
ثم قال :
"ويقول ابن عباس –رضي الله عنهما- الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، وحروف (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أربع ووعشرون حرفا، فمن قالها كفر كل حرف ذنوب ساعة قلا يبقى عليه الذنب إذا قالها في كل يوم مرة، فكيف بمن يكثر من قول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ويجعله شغله."
وهذا الكلام تخريف فالذنوب لا تطير بالحروف وإنما بعمل الحسنات وأهمها عند الذنوب الاستغفار وفى هذا قال تعالى :
"إن الحسنات يذهبن السيئات"
ثم ذكر أحاديث فقال :
"وثمة أحاديث نبوية أخرى تدور حول ذكر الله تعالى وفضائله، نذكر بعضا منها:
"عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبؤكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق (الفضة) وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: ذكر الله عز وجل."
الحديث يخالف كون الجهاد أفضل العمل بقوله تعالى:
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم قال :
2) عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: يقول الله أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام. "
الخطأ خروج بعض أهل النار منها وهو ما يخالف أن لا أحد يخرج من النار لقوله تعالى :
"وما هم بخارجين من النار"
ثم قال :
3) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة""
هذا الكلام لا يصح فى حق الذات الإلهية فهو تشبيه لله بخلقه بالتقرب المكانى والهرولة وهو يتنافى مع قوله تعالى:
"ليس كمثله شىء"
ثم قال :
4) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال: "قلت: يا رسول الله، ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال عليه الصلاة والسلام: غنيمة مجالس الذكر الجنة".
يقول جدي مولانا الكردي قدس سره: "قال الشيخ أبو سعيد الخراز: إذا أراد الله أن يوالي عبدا من عبيده فتح عليه باب ذكره، فإذا استلذ الذكر فتح عليه باب القرب، ثم رفعه إلى مجالس الأنس، ثم جعله على كرسي التوحيد، ثم رفع عنه الحجاب، وأدخله دار الفردانبة، وكشف له حجاب الجلال والعظمة، وإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو، فحينئذ يصير العبد زمانا فانيا، فوقع في حفظه وبرئ من دعاوي نفسه"
ولا يوجد ما يسمى بمجالس الذكر الجماعى سوى فى الصلاة فقط والباقى ذكر فى النفس كما قال تعالى :
"واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال"
المؤلف محمد نجم الدين الكردى والكتاب عبارة عن بضع أسئلة فى الطريقة النقشبندية المنسوبة لمحمد بهاء الدين المعروف بشاه نقشبند (ت: 791هـ) وهذا الكتاب حواشيه خاصة التى كتبت فى المقدمة أكثر من حجم الكتاب وقد اختصرنا تلك المقدمة اختصارا واكتفينا منها بأولها والتى يتحدث فيها الكردى عن سبب تأليف للكتاب ومن أين استقى المعلومات وفى تلك المقدمة قال :
"المقدمة:
فهذه عجالة سريعة في بيان حقائق التصوف وطريقة السادة النقشبندية، قصدت بها التيسير والتوضيح، آملا قراءتها في إمعان وصدق، حتى يتمكن أبنائي من الطلاب والمريدين على سبيل التخصيص، وكذلك من شرفنا بقراءتها من القراء عموما، من الإلمام بما جاءت به مع قصر وقتهم وكثرة اشتغالهم من جانب، ومساسة حاجتهم إلى مثل هذه الإرشادات من جانب آخر، سائلا الله تعالى قبولها وأن ينفعنا جميعا بفوائدها، إنه على ما يشاء قدير وقد اتخذتها على شكل الأسئلة والأجوبة، لأنها كانت في الأصل تأتي استجابة لرغبة بعض من الأحباء من الطلاب الوافدين وإجابة لبعض التساؤلات التي طرحها بعض المريدين، متمنيا أن يوفقنا الله إلى أقوم طريق في هذا السعي، تحقيقا للغرض الذي يرمي إليه، وهو إيصال هذه المعارف إلى أصحاب الحاجة إليها بطريقة سهلة -مع الدخول في الدقائق عند اللزوم"
والكتاب ليس فى الطريقة النقشبندية وإنما فى أسئلة عامة عن التصوف والصوفية وفى التمهيد حدثنا عن مسائل كثيرة ولكنه لم يتناولها كلها فى الكتاب وفى التمهيد قال:
" (التصوف والصوفية)
تمهيد
يتكون هذا القسم من عدة مسائل التي يمكن وضع خطوطها الكبرى على النحو الآتي: مصطلح التصوف: أصوله ومعانيه؛ مكانة التصوف في الإسلام؛ أهمية التصوف وفوائد اتباع الطريقة في هذا العصر؛ واتهام البعض للصوفية بالغلو في مشايخهم؛ وتعدد الطرق الصوفية وكيف يتعامل المريد مع هذه الظاهرة؛ البيعة على يد شيخ كامل: مشروعيتها وأوصاف الشيخ الكامل؛ وتحليل ظاهرة الشطح عند الصوفية وخاصة عند الشيخ أبي يزيد البسطامي ومواجيد الصحابة. كما يتناول هذا القسم ثلاثة مسائل لها أهميتها في هذا العصر، وهي: أصول الخلاف بين الصوفية والوهابية، والمسائل التي خالفت فيها الوهابية سائر المسلمين، والفروق الكبيرة بين التصوف والتشيع هذا وقد حان الآن وقت الشروع في صلب مسائل هذا القسم، وأولاها:
س: ما التصوف؟
ج: لقد نزع أكابر الصوفية إلى إيراد تعريفات اصطلاحية عديدة للتصوف، كما أوردوا أصولا عدة لهذا التعريفات فقالوا مثلا إن كلمتي "التصوف" و"الصوفي" مشتقتان من أصل ما؛ ومنهم من منعوا ذلك معتمدا على أنهما علم لا ينطبق مضمونه إلا على مفهومه أما الفريق الأول، الذين جنحوا إلى القول بالاشتقاق، فقد اختلفوا مرة أخرى فيما بينهم، فقالوا مثلا إن الكلمتان مشتقتان من أصل لغوي عربي وهو "الصوف" أو "صوفة" أو "صوفنة" أو "من أهل الصفة" الذين عاصروا عصر النبوة، أو من "الصف الأول" في الصلاة" أو من أصل يوناني "سوفيا" أي الحكمة، والملاحظ أن بين كلمة التصوف أو الصوفي وبين تلك الأصول المفترضة مناسبة ما هذا أولا وثانيا، فقد روي عن أكابر الصوفية معان اصطلاحية عديدة للتصوف لا تكاد تحصى. والظاهر أنهم تعرضوا إلى هذه التعريفات في معرض التعليق على ظاهرة معينة أو جوابا لسؤال تقدم به سائل فقال الإمام الجنيد أبو القاسم البغدادي -مثلا- أن التصوف هو التخلق بأخلاق الله، وقال الآخر، وهو الخواجه عبيد الله السمرقندي الأحرار ، إن التصوف هو صرف الوقت لما هو أولى به، وذهب المحققون من أكابر السادة الصوفية أن كلمة "التصوف" مشتقة من الصفاء الذي هو السبب والوسيلة والغاية من التصوف نفسه، فاصطفاء الله للمريد سبب هدايته، واستصفاء المريد لقلبه وسيلة لوصوله، وصفاء نفسه وروحه، عندما انتقل بطبيعته من طباع البشرية وارتفع بمهجته مع الملائكة العلوية، فهي الغاية التي يرمي إليها ومن أجلها سمي المريد "صوفيا"، كما أطلق على المتشبهين بأهل الحقيقة بأنهم "متصوفة""
فى المسألة السابقة انتهى الكردى إلى اختلاف القوم فى أصل كلمة التصوف أو الصوفية وأنهم لم يصلوا لأصلها اللغوى وخلص الكردى إلى أن التعريف هو المفهوم الاصطلاحى ومع هذا لا يكاد يوجد اتفاق على تعريف التصوف حتى بين أهله وذكر لنا بعض التعاريف مثل:
التخلق بأخلاق الله وهو تعريف ساقط يعارض الشرع فمن أخلاق المسلم الزواج والإنجاب وهذا ليس من أخلاق الله لقوله تعالى :
"لم يلد ولم يولد"
وقوله :
" ما كان له صاحبة ولا ولدا"
ومن أخلاق المسلم مثلا تحمل الظلم ورده بالحسنى والله لا يظلمه أحد
ونقل تعريف مثل الصفاء الذي هو السبب والوسيلة والغاية من التصوف نفسه والمسلم لا يمكن أن يكون صافى النفس فى كل الأحوال لأنه يصيبه الغم والحزن كما قال تعالى:
"فأثابكم غما بغم"
وقال ناهيا النبى(ص) عن الحزن:
"ولا تحزن عليهم"
وانتقل الكردى للنقل عن النقشبندية فخلص إلى أنهم يقولون بأخذه من الصفاء فقال :
"قال مولانا الكردي ناقلا عن سهل بن عبد الله التستري كما سيأتي: (هو) مأخوذ من الصفاء، والصوفي من صفا قلبه من الكدر، وامتلأ من العبر، واستوى عنده الذهب والمدر ، وقال سيدي عبد الغني النابلسي ذلك العالم النقشبندي الشاعر:
يا واصفي أنت في التحقيق موصوفي=وعارفي لا تغالط أنت معروفي
إن الفتى من بعهده في الأزل يوفي=صافى فصوفي لهذا سمي الصوفي
فالمتصوف من صافى نفسه فصوفي من بعد ذلك بتوفيق الله ورحمته، فله الحمد والمنة. "
والمسألة كما قال الكردى ليست أصل التصوف فى اشتقاقه من كلمات اللغة وكرر الرجل النقل عن الغير فبعضهم يأخذه من الصوق الملبوس والبعض من الصفاء فقال :
"وقال صاحب التعرف : "وإن جعل مأخذه من الصوف استقام اللفظ وصحت العبارة من حيث اللغة وجميع المعاني كلها من التخلي عن الدنيا وعزوف النفس عنها وترك الأوطان ولزوم الأسفار ومنع النفوس حظوظها وصفاء المعاملات وصفوة الأسرار وانشراح الصدور وصفة السباق" وقال بندار بن الحسين: "الصوفي من اختاره الحق لنفسه فصافاه وعن نفسه برأه ولم يرده إلى تعمل وتكلف بدعوى، وصوفي على زنة عوفي أي عافاه الله فعوفي، وكوفي أي كافاه الله فكوفي، وجوزي أي جازاه الله، ففعل الله به ظاهر في اسمه والله المتفرد به". وقال أبو علي الروذباري : "وسئل عن الصوفي، فقال من لبس الصوف على الصفاء وأطعم الهوى ذوق الجفاء وكانت الدنيا منه على القفا وسلك منهاج المصطفى "، وسئل سهل بن عبد الله التستري من الصوفي؟ فقال: "من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، وانقطع إلى الله من البشر، واستوى عنده الذهب والمدر" .
وهنا، استوقفني كلام بعضهم ، إذ أنشد:
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه=ولا بكاؤك إن غنى المغنونا
ولا صياح ولا رقص ولا طرب=ولا اختباط كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف أن تصفو بلا كدر=وتتبع الحق والقرءان والدينا
وأن ترى خاشعا لله مكتئبا=على ذنوبك طول الدهر محزونا"
وكل هذا الكلام ليس له أصل فى كتاب الله فلا تصوف ولا صوفية لأنه لو وجدوا فيما بعد الإسلام فمعنى هذا ان الله لم يتم كتابه وأنه فرط فى بعضه وهو الصوفية وهو قد أكمل دينه فقال :
" اليوم أكملت لكم دينكم"
فلو كانت الصوفية شىء استحدث بعد نزول الوحى فمعناه الكفر لأن الله اختار الدين فقال :
" إن الدين عند الله الإسلام"
ومن ثم لا وجود للتصوف أو الصوفية فى الإسلام فإن أرادوا به الإسلام نفسه فهذا معنى صحيح وأما إن أرادوا كما هو الظاهر من الطرق المختلفة اختراعات لم ترد فى الوحى كالأحزاب والأوراد والكرامات ومجالس الذكر الكلامى والموالد واختراع صلوات وغير ذلك فهو كفر بالإسلام نفسه
وكان السؤال الثانى عن عدم تقبل الناس لفظة التصوف باعتبارها خروج على الإسلام وكان جوابه هو:
"س: لما لا يقبل بعض الناس لفظة التصوف ويعتبرونها خروجا على الدين؟
ج: لو سألنا أحدا، هل الإخلاص والتخلق بالأخلاق الحسنة ضروري أم لا؟ وهل حصول اليقين ضروري أم لا؟ وهل التزين بالخصائل الحسنة والإعراض عن الرذائل مثل الحسد والكفر والكبرياء والبغض والحقد وحب الدنيا وحب المكانة وما إلى ذلك من العادات الرذيلة وحصول الخلاص من النفس الأمارة، هل ضروري أم لا؟ مستحسن أم لا؟ ولو في درجة ما والخشوع والخضوع في الصلاة، والتضرع والابتهال في الدعاء، ومحاسبة النفس، وحب الله ورسوله، والصفاء في المعاملات، والصدق، والأمانة، والاهتمام بحقوق العباد، والقدرة على النفس الأمرة، وكظم الغيظ، هل كل هذا مطلوب أم لا؟
فالمسلم الذي لا يتعصب سيجيب بالاثبات، بل زيد عليه بأن هذه الأشياء مطلوبة أيضا وكتاب الله وسنة رسوله مليئان بها تأكيدا وترغيبا فعند إذ قلنا لهم: إن الطريق لنيل هذه الصفات والمقاصد هو الطريق الذي سماه الناس في القرون الأخيرة بالتصوف."
والرجل إما أن يكون قد فهم أم أنه لا يفهم فإذا كان التصوف غير الإسلام نفسه فهو خروج عليه وأما إن كان غيره بزيادة أو بنقص فهو اتهام مباشر لله بأنه فرط فى الوحى وهو لم يفرط كما قال :
"ما فرطنا فى الكتاب من شىء"
فإذا كان الوحى يحتوى على كل شىء كما قال تعالى:
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فالتصوف إما أن يكون هو وإما أن يكون جزء منه وإما أن يكون خروجا عليه فالتصوف لا يمكن أن يكون أعظم من الإسلام ولا أصحابه أعظم من بقية الناس فإنما هم بشر ممن خلق البله
وكان السؤال الثالث عن أسماء التصوف فأجاب فقال :
"س: هل للتصوف أسماء أخرى؟
ج: نعم، إن للتصوف أسماء عديدة معروف بها، ولكن أشهرها التصوف. فالتصوف في اصطلاح القرآن الكريم هو "التزكية"، وفي اصطلاح الحديث يسمى "الإحسان"، وعند بعض المتأخرين "فقه الباطن" وكلها منصوص عليها، ولكنه صار معروفا بكلمة التصوف، ومعروف أيضا أن لكل فن مصطلحاته، ولكن المهم أن المحققين مصرون دائما على المقاصد ولذلك كان مشهورا عن النقشبندية "إلهي، أنت مقصودي ورضاك مطلوبي"، وهو ما انتهت إليه الطرق الصوفية في مطلبهم ومقصدهم"
وهذه الإجابة تقول أن التصوف جزء من الإسلام ولكن بلفظ مغاير لما فى الوحى
ومع هذا الاعتراف فإن تفاصيل الكلام عند الصوفية هى فى الغالب على خلاف ما فى الإسلام فهى تعظم بشر هم شيوخ الطرق وتعطيهم حقوقا ليست لهم وتجعل لهم على المريدين واجبات ليست عليهم فى الإسلام ومن ثم لا يمكن أن يكون التصوف بما فيه من شيخ ومريد وذكر واختراع أوراد وأحزاب وصلوات جزء من الإسلام فالله لم يعط أحد حق تشريع شىء
وكان السؤال التالى عن مكانة التصوف في الإسلام والذى أجاب عنه فقال :
"س: وما مكانة التصوف في الإسلام؟
ج: وللتصوف مكانة سامية في هذا الدين الحنيف، لأنه عبارة عن التطبيق العملي لمقام الإحسان بالمقارنة إلى مقام الإيمان الذي هو العقيدة، ومقام الإسلام الذي هو الشريعة، وذلك حسب نص الحديث المشهور: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه جبريل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله، وتؤمن بالبعث، قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا النبي عليه الصلاة والسلام "إن الله عنده علم الساعة ... " الآية. ثم ادبر فقال ردوه فلم يروا شيئا، فقال: هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم" "
الحديث الذى اعتمد الكردى فى إجابته غير صحيح فتعريف الإيمان يخالف كتاب الله فليس فى تلك الرواية الكتب المنزلة وليس فيها الغيب وليس فيها اليوم الأخر كما قال تعالى :
قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم"
وقال:
"آمن الرسول بما أنزل عليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"
وقال:
"يؤمنون بالله واليوم الأخر"
كما أنه جعل الإسلام ناقصا فعرفه الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان أى بأربعة أو خمسة أشياء ومن ثم فلا وجود للحج أو الجهاد أو غير ذلك من أحكام الإسلام
وذكر السؤال عن الفرق بين التصوف وذكر الله فقال :
"س: يتساءل البعض عن كنه العلاقة بين التصوف وذكر الله، فما قولكم؟
ج: إذا كنا قد قلنا –لدى الحديث عن مكانة التصوف في الإسلام- أن التصوف هو التطبيق العملي لمقام الإحسان، بالمقارنة إلى مقام الإيمان الذي هو العقيدة، ومقام الإسلام الذي هو الشريعة، فإننا نقول إنه لما كان الذكر هو ما يجري على اللسان والقلب بأحب الكلام إلى الله من تسبيح وتنزيه وحمد وثناء عليه سبحانه وتعالى؛ فقد افترض الله ذكره – كما أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره عن قتادة – عند أشغل ما تكونون، عند الضراب بالسيوف – فقال عز وجل: (يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله ذكرا كثيرا لعلكم تفلحون) فكان لا ريب أن الذكر هو الوسيلة المؤكدة للوصول إلى مقام الإحسان رديفا للتصوف وملازما له لا يفترقان"
وذكر الله يختلف عن التصوف المزعوم فالذكر يطلق على عدة معانى فى الوحى فهو الوحى المفسر للقرآن كما فى قوله " والقرآن ذى الذكر" وهو طاعة أحكام الله كما فى قوله :
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
وهو ترديد آيات القرآن فالصلاة كما فى قوله :
" فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع "
ومن ثم لا يمكن أن يكون الاثنين متلازمين ولا بمعنى واحد وهو يقول لأن الذكر أساس من أسس التصوف وهو قوله:
"لذلك لا عجب أن يتفق أهل التصوف جميعهم على أن الذكر دعامة من دعامات التصوف في كل وقت، قياما وقعودا وعلى جنوبهم.
يقول الحكيم الترمذي: في ذكر الله تعالى خمس خصال: رضا الله تعالى، ورقة القلب، وزيادة الخير، وحرز من الشيطان، ومنع من ركوب المعاصي.
وللذكر ثلاثة مقامات: ذكر باللسان، وهو ذكر عامة الخلق، وذكر بالقلب وهو ذكر خواص المؤمنين، وذكر الروح، وهو لخاصة الخاصة، وهو ذكر العارفين بفنائهم عن ذكرهم، وشهودهم إلى ذاكرهم ومنته عليهم.
والذكر تختلف أنواعه وتتعدد صيغه، والمذكور واحد لا يتعدد ولا يتحدد، وأهل الذكر أحباب الحق من حيث اللوازم "
وقطعا هذا الكلام لا وجود له فى كتاب الله فلا وجود لخاصة الخاصة فهذا اختراع من اختراعات الكفر فالشرع قال :
"إنما المؤمنون اخوة"
ولم يقل أن بعضهم فوق بعض
ثم قال :
"وذكر الله دنوه من العبد، ودنوه على قدر مسير العبد إليه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن ربه عز وجل: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه" رواه الطبراني وابن حبان "
وكون الله مع العبد غير مرتبط بذكر الله لقوله :
" وهو معكم أينما كنتم"
فالله مع المسلمين والكفار فى أى حال بمعنى علمه بهم
ثم قال:
"وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا ولله فيها صدقة يمن بها على عباده، وما من على عبد مثل أن يلهمه ذكره" "
والحديث موضوع لأن اليوم والليل مكون من الساعات ومن ثم لا يستقيم ذكرهم وذكر الساعة وأما نعم الله ففى كل لحظة فيكفى التنفس
ثم قال :
"ويقول ابن عباس –رضي الله عنهما- الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، وحروف (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أربع ووعشرون حرفا، فمن قالها كفر كل حرف ذنوب ساعة قلا يبقى عليه الذنب إذا قالها في كل يوم مرة، فكيف بمن يكثر من قول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ويجعله شغله."
وهذا الكلام تخريف فالذنوب لا تطير بالحروف وإنما بعمل الحسنات وأهمها عند الذنوب الاستغفار وفى هذا قال تعالى :
"إن الحسنات يذهبن السيئات"
ثم ذكر أحاديث فقال :
"وثمة أحاديث نبوية أخرى تدور حول ذكر الله تعالى وفضائله، نذكر بعضا منها:
"عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبؤكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق (الفضة) وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: ذكر الله عز وجل."
الحديث يخالف كون الجهاد أفضل العمل بقوله تعالى:
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم قال :
2) عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: يقول الله أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام. "
الخطأ خروج بعض أهل النار منها وهو ما يخالف أن لا أحد يخرج من النار لقوله تعالى :
"وما هم بخارجين من النار"
ثم قال :
3) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة""
هذا الكلام لا يصح فى حق الذات الإلهية فهو تشبيه لله بخلقه بالتقرب المكانى والهرولة وهو يتنافى مع قوله تعالى:
"ليس كمثله شىء"
ثم قال :
4) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال: "قلت: يا رسول الله، ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال عليه الصلاة والسلام: غنيمة مجالس الذكر الجنة".
يقول جدي مولانا الكردي قدس سره: "قال الشيخ أبو سعيد الخراز: إذا أراد الله أن يوالي عبدا من عبيده فتح عليه باب ذكره، فإذا استلذ الذكر فتح عليه باب القرب، ثم رفعه إلى مجالس الأنس، ثم جعله على كرسي التوحيد، ثم رفع عنه الحجاب، وأدخله دار الفردانبة، وكشف له حجاب الجلال والعظمة، وإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو، فحينئذ يصير العبد زمانا فانيا، فوقع في حفظه وبرئ من دعاوي نفسه"
ولا يوجد ما يسمى بمجالس الذكر الجماعى سوى فى الصلاة فقط والباقى ذكر فى النفس كما قال تعالى :
"واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال"
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب آداب الذكر في الطريقة النقشبندية
» إجابة أسئلة تحتاج إلى إجابة من المسلمين
» طريقة إدارة المجتمع
» أسئلة لملء الخواء
» نقد مقال أسئلة لا يمكن للمسلمين الإجابة عليها
» إجابة أسئلة تحتاج إلى إجابة من المسلمين
» طريقة إدارة المجتمع
» أسئلة لملء الخواء
» نقد مقال أسئلة لا يمكن للمسلمين الإجابة عليها
كعبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: القرآنيات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى